للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للسنة قدرها ومكانتها، فرعوها حق رعايتها، وحفظوها في الصدور، وأودعوها سويداء القلوب، ودونوها في المصنفات والكتب، وحكموها في شئونهم، وكانوا بها مستمسكين، وعلى نهجها سائرين، وما زال العلماء في كل عصر يعنون بالسنة عناية تامة علما وعملا، حتى جاءت عصور ضعف فيها المسلمون، فخلف من بعد هؤلاء الأعلام خلف تهاونوا بشأنها، وتقاعدوا عن حفظها، فاستعجم عليهم فهمها، واستغلق لديهم الوقوف على أسانيدها ومتونها، وكان من أثر ذلك أن رأينا أرباب الأديان المبدلة، والعقائد الزائفة، والأهواء المتبعة، يطعنون في سنة نبينا، ويغضون من شأن الأحاديث النبوية، فمن قائل: لا يعتمد عليها الآن لانقطاع أسانيدها، ومن قائل: إن السنة ليست دينا عاما دائما، ومن قائل: إن الأغلبية العظمى من الأحاديث ليست إلا من وضع الوضاعين، واختلاق الكذابين، ومن طاعن في صحابة رسول الله وهم الحلقة الأولى في سلسلة الإسناد، الذي يصلنا بصاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم، ومن مشوه للحقائق التاريخية الثابتة فتراه يخلط الحق بالباطل، ويحمل البريء تبعة المذنب، ويغلب الشر على الخير، ومن متلمس للهفوات يضخم من شأنها، فيرفعها إلى درجة العظائم، لينال من هذه الملة المطهرة، والسنة النبوية المشرفة، إلى غير ذلك من أنواع المكايد والطعون التي يبثها أعداء الإسلام.

فلما رأيت هذا الخلط والتلبيس، وذلك الطعن والأزراء، دون برهان ولا دليل، وغالب ذلك من المستشرقين، ومن حذا حذوهم من المفتونين، ورأيت القوم مسرفين في تبجح واسترسال؛ توجهت رغبتي إلى تأليف كتاب في تاريخ الحديث والمحدثين، يكشف القناع عن وجه الحقيقة، التي طالما شوه جمالها أصحاب الأهواء، ويوضح الحق من

<<  <   >  >>