للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: السنة بعد القرن الرابع إلى آخر هذا الدور]

قدمنا لك في المبحث السابق نخبة من علماء القرن الرابع، الذين تضلعوا في علوم السنة، وكانوا يدونون كتبهم من محفوظهم، ومسموعاتهم عن شيوخهم، كما كان يفعل أهل القرن الثالث، ثم ما كاد ينتهي القرن الرابع حتى أصبح عمل العلماء قاصرا على الجمع، والترتيب أو التهذيب لكتب السابقين، ونحن نذكر لك جملة من أعمالهم التهذيبية في الدور السادس، فنقول:

الجمع بين الصحيحين:

تناول كثير من الناس الجمع بين أحاديث الصحيحين في مصنف على حدة، فمن ذلك الجمع بينهما لإسماعيل بن أحمد المعروف بابن الفرات المتوفى سنة "٤١٤"، والجمع بينهما لمحمد بن نصر الحميدي، الأندلسي سنة "٤٨٨"، وربما زاد زيادات ليست فيهما، والجمع بينهما لحسين بن مسعود البغوي، سنة "٥١٦"، والجمع بينهما لمحمد بن عبد الحق الأشبيلي سنة "٥٨٢"، والجمع بينهما لأحمد بن محمد القرطبي، المعروف بابن أبي حجة سنة "٦٤٢".

الجمع بين الكتب الستة ١:

جمع بينها أحمد بن رزين بن معاوية، العبدري السرقسطي المتوفى سنة "٥٣٥" في كتابه تجريد الصحاح، لكنه لم يحسن في ترتيبه، وتهذيبه، وترك بعضا من أحاديث الستة، ولما جاء أبو السعادات مبارك بن محمد المعروف بابن الأثير الجزري، الشافعي، المتوفى سنة "٦٠٦". هذب كتابه، ورتب أبوابه، وأضاف إليه ما فاته من الأصول، وشرح غريبه وبين مشكل إعرابه، وخفي المعنى وحذف أسانيده، ولم يذكر إلا راوي الحديث من صحابي، أو تابعي كما ذكر المخرج له من الستة، ولم يذكر من أقوال التابعين، إلا النادر ورتب أبوابه على حروف المعجم، وسماه جامع الأصول لأحاديث الرسول، فجاء كتابا عظيما سهل العسير وقرب البعيد. وهو بدار الكتب المصرية في عشرة أجزاء متوسطة، وقد شرع أحد علماء الأزهر الشريف، وهو الشيخ عبد ربه بن سليمان بن محمد المشهور بالقليوبي في شرحه، وسماه


١ المراد بالكتب الستة الصحيحان، وموطأ مالك وسنن النسائي، وأبي داود والترمذي.

<<  <   >  >>