للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: جهود الصحابة والتابعين في جمع الحديث ورواياته ومناهضتهم للكذابين]

...

المبحث الرابع: جهود الصحابة والتابعين في جمع الحديث، وروايته ومناهضتهم للكذابين

كان من وراء الشيعة، والخوارج ومن على شاكلتهم الجمهور الأعظم من المسلمين، الذين لم يتدنسوا بالتشيع، ولا بالخروج، وتمسكوا بالسنن الصحيحة ورفضوا الأحاديث، التي تروى من طريق أرباب هذه النحل، أيا كان لونهم السياسي، ونفوا عن السنة كل دخيل، وحفظوها من عبث أهل الأهواء ذلك أنه لم تزل أعلام الدين قائمة، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير منهم ما زال على قيد الحياة، وهؤلاء التابعون لهم بإحسان يؤازرونهم، ويؤيدونهم في مهمة التعليم، ونشر السنة وإزالة أدران التشيع والقضاء على أباطيل الكذابين. لقد تظاهر الصحابة، والتابعون وكونوا جبهة قوية في وجوه أرباب النحل المختلة. فمن يوم أن وقعت الفتنة لم يقبلوا الأحاديث بمجرد روايتها، حتى يسألوا عن أسانيدها، ويفحصوا رجالها رجلا رجلا. يروي مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن سيرين قال: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع، فلا يؤخذ حديثهم"، كذلك أخذ الرواة وحملة الحديث من التابعين، يسألون الصحابة ليميزوا لهم الطيب من الخبيث، فلم يكونوا كحاطب ليل يجمع إلى الحطب الحيات، والثعابين بل كانوا يتحرجون من حمل ما لا يعرفون له أصلا، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذا ابن أبي مليكة يقول: كتبت إلى ابن عباس، أسأله أن يكتب لي كتابا، ويخفي عني فقال: ولد ناصح، أنا أختار له الأمور اختيارا، وأخفي عنه قال: فدعا بقضاء علي، فجعل يكتب منه أشياء ويمر بالشيء فيقول. والله ما قضى بهذا علي، إلا أن يكون قد ضل "روى ذلك مسلم في مقدمة صحيحه" فهذا الأثر يعطيك فكرة عن إفساد الشيعة، لقضاء علي كرم الله وجهه.

كما يعطيك فكرة عن تنبه الصحابة، وعنايتهم التامة بالحديث، وتمييز غثه من سمينه. وأخيرا يعطيك فكرة واضحة عن حال الرواة في طلب الصحيح من الحديث، ورجوعهم في ذلك إلى الصحابة الأجلاء.

ولقد بلغ الحد من تبجح الكذابين، إن كانوا يجلسون للحديث بالمساجد على مرأى، ومسمع من الصحابة الذين كانوا يزجرونهم أعظم

<<  <   >  >>