للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الخامس: في هجرته]

عن ابن عباس قال: قال علي: ما علمت أن أحدًا من المهاجرين هاجر إلا مختفيًا إلا عمر بن الخطاب, فإنه لما هاجر تقلد سيفه، وتنكّب قوسه، وانتضى في يده أسهمًا واختصر عنزته ومضى قبل الكعبة والملأ من قريش بفنائها، فطاب بالبيت سبعًا متمكنًا, ثم أتى المقام فصلى متمكنًا ثم وقف على الحلق واحدة واحدة فقال لهم: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن يثكل أمه, أو ييتم ولده، أو يرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي، قال علي: فما أتبعه أحد إلا قوم من المستضعفين, علمهم ما أرشدهم ثم مضى لوجهه، خرجه ابن السمان في الموافقة والفضائلي.

"شرح" تنكب قوسه: ألقاه على منكبه, وانتضى في يده أسهمًا: استلّها من كنانته وتركها معدة في يده، وكذلك انتضى سيفه ونضاه: استله, واختصر عنزته, العنزة بالتحريك أطول من العصا وأقصر من الرمح، وفيه زج كزج الرمح واختصارها والله أعلم حملها مضمومة إلى خاصرته، والمعاطس: جمع بزنة مجلس وهو الأنف, وإرغامها: إلصاقها بالرغام وهو التراب، كنى بذلك عن الإهانة والإذلال.

قال ابن إسحاق: خرج عمر بن الخطاب مهاجرًا وعياش بن أبي ربيعة قال عمر: ابتعدت لما أردنا الهجرة أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص بن وائل السهمي المناصب من أضاة بني غفار فوق سرف وقلنا: أينا لم يصبح عندها فقد حبس فليمض صاحباه قال: فأصبحت أنا وعياش بن أبي ربيعة عند المناصب، وحبس عنا هشام وفتن فافتتن، فلما قدمنا المدينة نزلنا في بني عمرو بن عوف بقباء.

<<  <  ج: ص:  >  >>