للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَهَا بَصِيصٌ، وَعَادَتْ عَلَيْهَا بَوَاسِيرِهَا. فَفَزِعَ الْقَوْمُ مِنْهَا وَانْحَازُوا، فَلَمَّا رَأَى عِيسَى ذَلِكَ مِنْهُمْ فقال: مالكم تَسْأَلُونَ الآيَةَ فَإِذَا أَرَاكُمُوهَا رَبُّكُمْ كَرِهْتُمُوهَا؟ مَا أخوفن عَلَيْكُمْ أَنْ تُعَاقَبُوا بِمَا تَصْنَعُونَ. يَا سَمَكَةُ عُودِي بِإِذْنِ اللَّهِ كَمَا كُنْتِ. فَعَادَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ مَشْوِيَّةً كَمَا كَانَتْ فِي خَلْقِهَا الأَوَّلِ، فَقَالُوا لِعِيسَى: كُنْ أَنْتَ يَا رُوحَ اللَّهِ الَّذِي تَبْدَأُ بِالأَكْلِ مِنْ طَلَبِهَا، فَلَمَّا رَأَى الْحَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابُهُمُ امْتِنَاعَ نَبِيِّهِمْ مِنْهَا- خَافُوا أَنْ يَكُونَ فِي نُزُولِهَا سَخَطٌ، وَفِي أَكْلِهَا مِثْلُهُ فتخافوها، فلما رأى ذلك عيسى دعى لَهَا الْفُقَرَاءَ وَالزَّمْنَى «١» ، وَقَالَ: كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَدَعْوَةِ نَبِيِّكُمْ، وَاحْمَدُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَهَا لَكُمْ فَيَكُونُ مهيئوها لَكُمْ، وَعُقُوبَتُهَا عَلَى غَيْرِكُمْ، وافتتحوا كلكم باسم الله، واختتموه بِالْحَمْدِ لِلَّهِ، فَفَعَلُوا، فَأَكَلَ مِنْهَا أَلْفٌ وَثَلاثُمِائَةِ إِنْسَانٍ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، يَصْدُرُونَ عَنْهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَبْعَانُ يَتَجَشَّأُ، وَنَظَرَ عِيسَى وَالْحَوَارِيُّونَ فإذا ما عليها كهيئة إذ نزلت من السماء، لمن يُنْتَقَصْ مِنْهَا شَيْءٌ، ثُمَّ إِنَّهَا رُفِعَتْ إِلَى السَّمَاءِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ، اسْتَغْنَى كُلُّ فَقِيرٍ أَكَلَ منها، وبرأ كُلُّ زَمِنٍ أَكَلَ مِنْهَا، فَلَمْ يَزَالُوا أَغْنِيَاءَ صِحَاحًا حَتَّى خَرَجُوا مِنَ الدُّنْيَا.

وَنَدِمَ الْحَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابُهُمُ الَّذِينَ أَبَوْا أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهَا نَدَامَةً، سألت مِنْهَا أشفاءهم، وَبَقِيَتْ حَسْرَتُهَا فِي قُلُوبِهِمْ إلى الأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ، وَالصِّغَارُ وَالْكِبَارُ وَالأَصِحَّاءُ وَالْمَرْضَى، يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.

فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ جَعَلَهَا نوائب، تَنْزِلُ يَوْمًا وَلا تَنْزِلُ يَوْمًا. فَلَبِثُوا فِي ذَلِكَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ غِبًّا عِنْدَ ارْتِفَاعِ الضُّحَى، فَلا تَزَالُ مَوْضُوعَةً يُؤْكَلُ مِنْهَا، حَتَّى إِذَا قَامُوا ارْتَفَعَتْ عَنْهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ إِلَى جَوِّ السَّمَاءِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى ظِلِّهَا فِي الأَرْضِ حَتَّى تَوَارَى عَنْهُمْ «٢» .

٧٠٤١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا مُحَمَّدٌ، ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: يَذْكُرُونَ أَنَّهَا نَزَلَتِ الْمَائِدَةُ مَرَّتَيْنِ.


(١) . أي أصحاب العاهة.
(٢) . قال ابن كثير: أثر غريب جدا ٣/ ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>