للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما "أَمَرَّنَا مُتْرَفِيهَا" فقد يكون منقولا من أمِرَ القومُ أي: كثُروا. كعلِمَ وعلِمْتُه. وسلِمَ وسلمْتُه.

وقد يكون منقولا من أمَرَ الرجل إذا صار أميرا. وأمَرَ علينا فلان: إذ وَلِيَ. وإن شئت كان "أمَّرْنا" كثرنا، وإن شئت من الأمْرِ والإمارة.

فأما "أمِرْنا" فَعِلْنا، بكسر الميم، فأخبرنا أبو إسحاق وإبراهيم بن أحمد القرميسيني عن أبي بكر محمد بن هارون الروباني عن أبي حاتم قال: قال أبو زيد: يقال: أمِرَ اللهُ مالَه وآمَرَه. قال أبو حاتم: ورَوَوْا عن الحسن أن رجلا من المشركين قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني أرى أمْرَكَ هذا حقيرًا، فقال عليه السلام: إنه سَيَأْمَرُ١ [٩٢و] أي ينتشر، قال: وقال أبو عمرو: معنى {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} ، أي: أمرناهم بالطاعة، فعصوا. وقال زهير:

والإثمُ من شرِّ ما يصال به ... والبر كالغيث نبتُه أمِرُ٢

وأنشد أبو زيد، رويناه عنه وعن جماعة غيره:

أمُّ جوارٍ ضنؤها غيرُ أمِرْ ... صهصلقُ الصوتِ بعينها الصبِرْ٣

وقال لبيد:

إن يُغبَطوا يَهبُطوا وإن أمِرُوا ... يومًا يصيرُوا للْهُلْكِ والنفدِ٤

ومن٥ بعد فالأمر من أم ر، وهي مُحَادَّةٌ٦ للفظ ع م ر ومساوقة لمعناها٧، لأن الكثرة أقرب شيء إلى العمارة. وما أكثر وأظهر هذا المذهب في هذه اللغة! ومن تنبه عليه حظي بأطرف الطريف، وأظرف الظريف.


١ النهاية: ١: ٥١.
٢ يصال به: يفتخر. وأمر: كثير وانظر الديوان: ٣١٥
٣ روي عيال مكان جوار. والضنء "بفتح الضاد وكسرها": الولد لا مفرد له، وإنما هو من باب نفر ورهط، والجمع ضنوء، الصهصلق: الصخابة الشديدة الصوت. ومنهم من خصه بالعجوز. والصبر عصارة شجرة مرة، والجمع صبور. والنوادر: ١٦٥، واللسان "صهصلق، أمر".
٤ روي يعبطوا مكان يهبطوا، والنكد مكان النفد. يهبطوا: فسرها أبو عمرو بيهلكون. ويقال: هبط المرض لحمه -كنصر- أي: هزله. ويعبطوا: يموتون عبطة، كأنهم يموتون من غير مرض. والنفد: مصدر نفد بمعنى فني وذهب. انظر الديوان: ١٦٠.
٥ في ك: وبعد.
٦ محادة: قريبة مجاورة.
٧ يريد أن "الأمر" مأخوذ من أمر، وأمر قريبة من عمر وعلى شبه منها، وانظر الخصائص: ١: ٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>