للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأ بهمزة واحدة غير ممدودة وفتح العين - عمرو بن ميمون.

قال أبو الفتح: أما "أَعْجَمِي"، بقصر الهمزة، وسكون العين فعلى أنه خبر لا استفهام، أي: لقالوا: لولا فصلت آياته، ثم أخبر فقال: الكلام الذي جاء به أعجمي، أي: قرآن، وكلام أعجمي. ولم يخرج مخرج الاستفهام على معنى التعجب والإنكار على قراءة الكافة، وهذا كقولك للآمر بالمعروف، التارك لاستعماله: أراك تأمر بشيء ولا تفعله. وعلى قراءة الكافة: أتأمر بالبر وتتركه؟.

وأما قراءة عمرو بن ميمون: "أَعْجَمِي" فهذه همزة استفهام، وهو منسوب إلى العجم. وأما أعجمي بسكون العين فلفظه لفظ. النسب، وليس هناك حقيقة نسب، وإنما هو لتوكيد معنى الصفة. ونظيره قولهم: رجل أحمر وأحمري، وأشقر وأشقري. وعليه قول العجاج:

غضف طواها الأمس كلابي١

أي: كلاب، يعني صاحب كلاب، كبغال وحمار. وقوله أيضا:

والدهر بالإنسان دواري٢

أي: دوار. فكذلك أعجمي، معناه أعجم. ومنه قولهم: زياد الأعجم. رجل أعجم، ومرأة عجماء، وقوم عجم. فهذا كأحمر وحمراء وحمر.

فأما الأعاجم فتكسير أعجمي، وهو على حذف زيادة ياءي الإضافة. وجاز تكسيره على أفاعل؛ لأنه بدخول ياءي الإضافة عليه فارق في اللفظ باب أفعل وفعلاء، فكسر تكسير الأسماء.

ووجه مفارقته إياه لحاق تاء التأنيث، فصار كظريف وظريفة، وقائم وقائمة. فلما فارق أحكام أفعل وفعلاء كسر على الأفاعل، فجرى مجرى أحمد وأحامد. نعم، وصرفه عند لحاق التأنيث له يزيده بعدا عن حكم أحمر وبابه، وأنت أيضا تصرفه معرفة ونكرة، وأحمر لا ينصرف معرفة ونكرة. والحديث هنا طويل، وفيما مضى كاف على ما عقدنا عليه من الاقتصاد في هذا الكتاب، على حد ما سئلنا في معناه.


١ انظر الصفحة ٣١١ من الجزء الأول.
٢ انظر الصفحة ٣١٠ من الجزء الأول.
٣ في ك الاقتصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>