للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي كخلالة أبي مرحب. وما أكثر هذا المضاف في القرآن، وفصيح الكلام.

ومن ذلك قراءة علي وأبي عبد الرحمن السلمي: "بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا١".

قال أبو الفتح: تحتمل اللغة أن تكون حسنا هنا مصدرا، كالمصادر التي اعتقب عليها الفعل والفعل، نحو الشغل والشغل، والبخل والبخل، وهو واضح.

وتحتمل أن يكون "الحسن" هنا اسما صفة لا مصدرا، لكنه رسيل٢ القبيح كقولنا: الحسن من الله، والقبيح من الشيطان، أي: وصيناه بوالديه فعلا حسنا، ونصبه وصيناه به؛ لأنه يفيد مفاد ألزمنا الحسن في أبويه. وإن شئت قلت: هو منصوب بفعل غير هذا، لا بنفس هذا؛ فيكون منصوبا بنفس ألزمناه، لا بنفس وصيناه؛ لأنه في معناه.

ومن ذلك قراءة ابن مسعود: "هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ٣".

قال أبو الفتح: قد كثر عنهم حذف القول؛ لدلالة ما يليه عليه، كقول الله تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ ٤} ، أي: يقولون: سلام عليكم، وكذلك هذه القراءة، مفسرة لقراءة الجماعة: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِه} ، لو لم تأت قراءة عبد الله هذه لما كان المعنى إلا عليها، فكيف وقد جاءت ناصرة لتفسيرها؟

ومن ذلك قراءة الحسن وأبي رجاء والججدري وقتادة وعمرو بن ميمون والسلمي ومالك ابن دينار والأعمش وابن أبي إسحاق، واختلف عن الكل إلا أبا رجاء ومالك بن دينار: "لا تَرَى"، بالتاء مضمومة، "إِلَّا مَسَاكِنُهُم٥"، بالرفع.

وقرأ الأعمش: "إِلَّا مَسَاكِنُهُم"، وكذلك يروى عن الثقفي ونصر بن عاصم.


١ سورة الأحقاف: ١٥.
٢ يريد برسيلة أنه يقابله ويقرن إليه.
٣ سورة الأحقاف: ٢٤.
٤ سورة الرعد: ٢٣، ٢٤.
٥ سورة الأحقاف: ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>