للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[خاتمة]

حين ندني مختلف العناصر التي استخلصناها أثناء هذا التحليل، بعضها من بعض، يصبح من السهل كثيرًا أن نعيد بناء الفكرة القرآنية عن المسئولية.

لقد تولى القرآن بصفة جوهرية وجهة النظر الأخلاقية، وراح يقر في هذا الصدد الشروط التي تتفق تمامًا مع المقتضيات المشروعة لأعظم الضمائر استنارة، واهتمامًا بالعدالة. دون أن ينتظر النضج البطيئ، المتردد، عبر الأفكار القديمة والحديثة لكي ينتهي إلى هذا الوضع الواضح القويم.

فالمسئولية ترتبط ارتباطًا وظيفيًّا بالشخصية؛ ولذلك لا يطيقها غير الإنسان البالغ العاقل، الواعي بتكاليفها، وبحيث يتمثلها أمام ناظره في لحظة العمل. فإذا ما تحددت صفات الشخص تعين، بعد ذلك، أن يكون مسئولًا عن الأفعال التي يأتيها بإرادته الحرة. وإذن فالإرادة والحرية هما من الناحية العملية مترادفان، وليس لأية قوة في الطبيعة، باطنة أو ظاهرة، سلطة كافية لكي تحرك أو توقف النشاط الجواني لإرادتنا.

وقد تستطيع الطبيعة أن تحرمنا بعض الظروف المادية اللازمة لتنفيذ قراراتنا، وقد تستطيع أن تخلع عنا بعض الصفات الدمثة الرقيقة، التي تجعل قراراتنا الخيرة أكثر يسرًا ومودة، ولكنها لا تستطيع أن تمس فينا القدرة

<<  <   >  >>