للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦- صَنْعَةُ أبي نُوَاسٍ:

اسمه الحسن بن هانئ، ولد بالأهواز سنة تسع وثلاثين ومائة، وكان أبوه مولى١ لآل الحكم بن الجراح من بني سعد، العشيرة اليمنيين، قدم إلى هذه البلدة مع جند مروان بن محمد، وتزوج بها جارية فارسية أهوازية تدعى جلبان، كانت تغسل الصوف، وأولدها عدة، منهم أبو نُواس الذي تلقن الفارسية عنها وحذقها. ومات هانئ وابنه صغير؛ فانتقلت أمه إلى البصرة، وهو ابن ست سنين، فأسلمته إلى الكتاب، ولم يلبث أن اختلف إلى دروس العلماء حين شبَّ عن الطوق، ويظهر أن رقة حال أمه اضطرتها إلى أن تلحقه بعطار، فمكث عنده مدة، وملكَتُه الشعرية تتفتَّح في نفسه، وتصادف أنَّ عاملَ الأهوازِ دعا هذا العطار إليه، فصحب معه الغلام، وكان والبة بن الحباب يزور هذا العامل لقرابة بينهما، فتعرف على أبي نواس، وكان وضيئًا صبيحًا، وأعجب كل منهما بصاحبه، وأسلم أبو نُواس إليه قِيَادَهُ، فاصطحبه معه إلى الكوفة حيث غمسه في كل ما كان ينغمس فيه مع رفاقه أمثال مطيع بن إياس؛ فخرج ماجنًا على طريقتهم، وهي طريقة لم تكن تخلو من شذوذ٢. ويعود إلى البصرة ويلزم خلفًا الأحمرَ ويحمل عنه علمًا كثيرًا وأدبًا واسعًا، ويتعلق بجنان جارية


١ طبقات الشعراء، لابن المعتز، ص١٩٤.
٢ العمدة، لابن رشيق، ١/ ٤٣، وتاريخ بغداد ٧/ ٤٤٠ والديوان ٣١، ٣٢.

<<  <   >  >>