للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الخامس: التعقيد في التصنيع]

[أبو تمام أصله وحياته وثقافته]

...

الفصل الخامس: التعقيدُ في التصنيعِ

خذها مثقفة القوافي ربها ... لسوابغ النعماء غير كنود

حذاء تملأ كل أذن حكمة ... وبلاغة وتدر كل وريد

كالدر والمرجان ألف نظمه ... بالشذر في عنق الكعاب الرود

كشقيقة البرد المنمنم وشيه ... في أرض مهرة أو بلاد تزيد

أبو تمام

١- أبو تمام أصلُهُ وحياتُهُ وثقافتُهُ:

لعل أهم شاعر يمثل مذهب التصنيع في القرن الثالث الهجري هو أبو تمام؛ فقد انتهى المذهب عنده إلى الغاية التي كان يرنو إليها شعراء العصر العباسي من الزخرف والتنميق. وهو حبيب بن أوس الطائي، وشك بعض القدماء في طائيته، وقالوا إن أباه كان خَمَّارًا نصرانيًّا من دمشق يدعى تدوس؛ فحرَّفه أبو تمام إلى أوس وانتسب في طيئ١، وظن مرجليوث أن هذا الاسم اختصار لتيودوس٢ وتبعه طه حسين؛ فقال إنه اسم يوناني واستظهر أن يكون أبو تمام طائيًّا بالولاء٣.ومن يقرأ شعره وفخره العارم بطيِّئ لا يشك في أنه طائي صليبة وأنه من صميم طيئ لا دعيّ فيها ولا من مواليها.

وقد ولد أبو تمام بقرية جاسم على الطريق بين دمشق وطبريَّة، واختلف في السنة التي ولد فيها، فقيل: سنة ١٧٢، وقيل: سنة ١٨٢ أو ١٨٨ أو ١٩٠ ونشأ في دمشق؛ حيث بدأ حياته بحياكة الثياب، ويظهر أنه أخذ يختلف في أثناء ذلك إلى حلقات العلم والأدب، ولم تلبث مواهبه الأدبية أن استيقظت في نفسه


١انظر أخبار أبي تمام للصولي "طبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر" ص٢٤٦. وراجع ترجمته في ابن خلِّكان "طبع المطبعة الميمنية" ١/ ١٢١.
٢ راجع ترجمته في دائرة المعارف الإسلامية.
٣ انظر محاضرته عنه في كتابه "من حديث الشعر والنثر".

<<  <   >  >>