للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[جمع القرآن الكريم]

يطلق الجمع -في كلام أهل القرآن- إما على حفظه جميعه عن ظهر قلب ومنه قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ} ١, وإما على جمع متفرقه في صحف ثم جمع تلك الصحف في مصحف واحد، مرتب الآيات والسور على النحو الذي تلقته الأمة من النبي, صلى الله عليه وسلم..

والجمع بالمعنى الثاني هو الذي نقصده هنا..

والثابت أن القرآن لم يجمع على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- في مصحف واحد.

عن زيد بن ثابت. قال: "ولم يكن القرآن الكريم قد جمع في شيء"٢.

وربما كان ذلك لأن القرآن الكريم ظل عشرين سنة أو يزيد ينزل منجمًا. ولأن النسخ كان يرد على بعض الآيات فلو جمع القرآن وقتئذ ثم رفعت تلاوة بعضه "لأدى إلى الاختلاف واختلاط الدين، فحفظه الله في القلوب إلى انقضاء زمان النسخ"٣.

وقيل في هذا أيضًا أن الله تعالى كان أمن النبي-صلى الله عليه وسلم- من النسيان بقوله: {سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنْسَى، إَلاَّ مَا شَاءَ اللهُ} ٤, أي ما شاء الله أن يرفع حكمه بالنسخ، فلما توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- أصبح النسيان ممكن الوقوع من الناس، ومن هنا أصبحت الحاجة ماسة إلى جمع القرآن وحفظه وتدوينه"٥.

ولقد ثبت في الصحاح عن عائشة رضي الله عنها وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن جبريل كان يعارض النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقرآن، في كل عام مرة، فلما كان العام


١ سورة القيامة: ١٧.
٢ فتح الباري: جـ٩ ص٩. الإتقان في علوم القرآن جـ١ ص٥٧.
٣ البرهان للزركشي جـ١ ص٢٣٥.
٤ سورة الأعلى: ٦.
٥ البرهان في علوم القرآن للزركشي: جـ١ ص٢٣٨.

<<  <   >  >>