للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأدواء التي حلت بالمسلمين]

حينما بدأ الغرب في نهضته، بدأ الشرق الإسلامي في كبوته، وكان لذلك أسباب بعضها يرجع إلى المسلمين أنفسهم، وبعضها يرجع إلى أسباب خارجة عن إرادتهم.

أما الأسباب التي ترجع إلى المسلمين أنفسهم:

فتتجلى بأن الله تعالى لم يكن مبدلا نعمه التي أنعمها على عباده حتى يبدلوا ما بأنفسهم من خير إلى شر ومن هدى إلى ضلال ومن قوة عسكرية وإدارية إلى ضعف ينتاب الجهاز العسكري والإداري، ومن قوة خلقية وتمسك بالقيم والمبادئ إلى فساد خلقي واستمتاع بالمغنيات وبالشعر الرخيص، ومن إقامة شعائر الله وتطبيق حدوده إلى التهاون في إقامة الشعائر وإلى الاستهانة بإقامة الحدود، ومن القيام بالجهاد إلى التقاعس عن هذه الفريضة والركون إلى ملذات الحياة الدنيا والاستمتاع بمباهجها.. وهكذا حصل التغيير النفسي والتبديل الذي أتى من المسلمين أنفسهم. فطبق الله سنته فيهم: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} ١, {فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} ٢, {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} ٣, ونسي المسلمون أن الله جعلهم خير أمة لما اتصفوا به من إقامة حدود الله، ولما عاهدوا الله عليه من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} ٤, {كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ} ٥, {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} ٦, {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} ٧.


١ الأنفال: ٥٣.
٢ النحل: ١١٢.
٣ الرعد: ١١.
٤ فاطر: ٣.
٥ النحل: ٨١.
٦ آل عمران: ١٠٤.
٧ آل عمران: ١١٠.

<<  <   >  >>