للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٣- الإسرائيليات في قصة ذي القرنين:

ومن الإسرائيليات التي طفحت بها بعض كتب التفسير: ما يذكرونه في تفاسيرهم، عند تفسير قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا، إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا، فَأَتْبَعَ سَبَبًا} ١ الآيات.

وقد ذكر ابن جرير في تفسيره بسنده، عن وهب بن منبه اليماني، وكان له علم بالأحاديث الأولى، أنه كان يقول: "ذو القرنين: رجل من الروم، ابن عجوز من عجائزهم، ليس لها ولد غيره، وكان اسمه الإسكندر، وإنما سُمِّيَ ذا القرنين؛ أن٢ صفحتي رأسه كانتا من نحاس، فلما بلغ وكان عبدا صالحا، قال الله عز وجل له: يا ذا القرنين إني باعثك إلى أمم الأرض، وهي أمم مختلفة ألسنتهم، وهم جميع أهل الأرض، ومنهم أمتان بينهما طول الأرض كله، ومنهم أمتان بينهما عرض الأرض كله، وأمم في وسط الأرض منهم الجن، والإنس، ويأجوج ومأجوج ... ثم استرسل في ذكر أوصافه، وما وهبه الله من العلم والحكمة، وأوصاف الأقوام الذين لقيهم، وما قال لهم، وما قالوا له، وفي أثناء ذلك يذكر ما لا يشهد له عقل ولا نقل وقد سود بهذه الأخبار نحو أربعة صحائف من كتابه٣، وكذلك ذكر روايات أخرى في سبب تسميته بذي القرنين، بما لا يخلو عن تخليط وتخبط، وقد ذكر ذلك عن غير ابن جرير: السيوطي في الدر قال: وأخرج ابن إسحاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والشيرازي في الألقاب، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه اليماني، وكان له علم بالأحاديث الأولى أنه كان يقول: كان ذو القرنين رجلا من الروم، ابن عجوز من عجائزهم، ليس لها ولد غيره، وكان اسمه الإسكندر، وإنما سمي ذا القرنين: أن صفحتي رأسي كانتا من نحاس ... "٤، وأنا لا أشك في أن ذلك مما تلقاه وهب عن كتبهم، وفيها ما فيها من الباطل، والكذب، ثم حملها عنه بعض التابعين، وأخذها عنهم ابن إسحاق وغيره من أصحاب كتب التفسير،


١ الكهف، الآية ٨٣: وما بعدها.
٢ أي: لأن.
٣ جامع البيان ج ١٥ من ص ١٤-١٨.
٤ الدر المنثور ج ٤ من ص ٢٤٢-٢٤٦.

<<  <   >  >>