للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٥- الإسرائيليات في قصة بلقيس ملكة سبأ:

ومن الإسرائيليات ما ذكره بعض المفسرين عند تفسير قوله تعالى: {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: الآية ٤٤] .

فقد ذكر ابن جرير، والثعلبي والبغوي، والخازن، وغيرهم: "أن سليمان أراد أن يتزوجها، فقيل له: إن رجليها كحافر الحمار، وهي شَعْرَاء الساقين، فأمرهم، فبنوا له هذا القصر على هذه الصفة، فلما رأته حسبته لجة، وكشفت عن ساقيها لتخوضه، فنظر سليمان فإذا هي أحسن الناس قدما وساقا، إلا أنها كانت شعراء الساقين، فكره ذلك، فسأل الإنس ما يذهب هذا؟ قالوا: الموسي، فقالت بلقيس: لم تمسني حديدة١ قط، وكره سليمان ذلك، خشية ان تقطع ساقيها، فسأل الجن: فقالوا: لا ندري، ثم سأل الشياطين؟ فقالوا: إنا نحتال لك حتى تكون كالفضة البيضاء، فاتخذوا لها النورة ٢ والحمام، فكانت النورة والحمام من يومئذ"٣.

وقد روي هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد، وعكرمة، ومحمد بن كعب القرظي، والسدي، وابن جريج وغيرهم.

وروي أيضا: أنها سألت سيدنا سليمان عن أمرين قالت له: أريد ماء ليس من أرض ولا من سماء!! فسأل سليمان الإنس، ثم الجن، ثم الشياطين، فقالت الشياطين: هذا هين، أجر الخيل، ثم خذ عرقها، ثم املأ منه الآنية، فأمر بالخيل فأجريت، ثم أخذ العرق فملأ من الآنية!!

وسألته عن لون الله عز وجل فوثب سليمان عن سريره، وفزع من السؤال، وقال: لقد سألتني -يا رب- عن أمر، إنه ليتعاظم في قلبي أن أذكره لك، ولكن الله


١ المراد: الموسي التي تزيل الشعر.
٢ مادة يزال بها الشعر.
٣ كذاب ظاهر، كأن النورة والحمام لم يكونا إلا لها، وكأن سليمان عليه السلام لم يكن له هَمٌّ إلا إزالة شعر ساقيها، وهو تجنٍّ صارخ على الأنبياء، وإظهارهم بمظهر المتهالك على النساء ومحاسنهم، فقبح الله اليهود.

<<  <   >  >>