للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجانب النظري التجريدي على حساب الجانب العملي الذي أكد عليه الصحابة الذين وقفوا عند النصوص المتشابهة وآيات وأحاديث الصفات دون تأويل، فحافظوا بذلك على صفاء العقيدة وإشراقها في حين أضاع أرباب الكلام بمجادلاتهم التي ترمي إلى الإيضاح والتعليل وضوح العقيدة وصفاء الفكرة، ولم تثمر جهودهم غير الانقسام والتمزيق في الكيان الإسلامي.

وكان لا بد لأهل الكلام وأتباع الفرق من تأييد عقائدهم وآرائهم بنصوص الشرع ولما لم يجدوا ما يغنيهم في الأحاديث الصحيحة لجأ قليلو الورع منهم إلى الوضع في الحديث تأييدًا لمذاهبهم. قال محرز أبو رجاء وكان يرى القدر فتاب منه: "لا ترووا على أحد من أهل القدر شيئًا فوالله لقد كنا نضع الأحاديث ندخل بها الناس في القدر نحتسب بها فالحكم لله"١، وبسبب وضع أهل الكلام وأرباب الفرق للأحادي أو تأويلهم لها حسب أهوائهم ظهرت السنة أمام الجاهلين بها بمظهر التناقض فالمرجئة٢ والقدرية٣ والمجسمة٤ والمعطلة٥ والمفوضة٦ وسائر الفرق على اختلافها وتباين آرائها تعتمد في دعم وجهات نظرها على السنة.

فمثلًا من المناقشات المبكرة بين المسلمين هل يزيد الإيمان أم لا؟ وقد وعضت أحاديث في دعم الرأيين كحديث: "الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ومن


١ العسقلاني: لسان الميزان ١/ ١٢.
٢ المرجئة: هم الذين يرون أن الإيمان معرفة الله فقط ويقولون: "لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة".
٣ القدرية: هم الذين يقولون بحرية الإرادة، أي أن الإنسان مخير وليس مسيرا.
٤ المجسمة: هم الذين يشبهون صفات الله تعالى بصفات المخلوقين.
٥ المعطلة: هم نفاة الصفات.
٦ المفوضة: فرقة من الغلاة يزعمون أن الله تعالى فوض خلق الدنيا إلى محمد عليه الصلاة والسلام ومنهم من يقول إلى علي رضي الله عنه، ومنهم من يقول إلى كليهما: "مختصر التحفة الاثني عشرية، ص١٦". لكن المراد هنا التفويض في الصفات.

<<  <   >  >>