للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الزنادقة]

وقد لعب الزنادقة منذ فترة مبكرة دورا في وضع الحديث محاولين انتقاص السنة وتشويه معالمها والوضع من مكانتها عند أرباب العقول، فكان الزنادقة يتسترون بالإسلام ويبطنون له ولأهله العداء فهم كما يقول ابن حبان "يعتقدون الكفر ولا يؤمنون بالله واليوم الآخر، فكانوا يدخلون المدن ويتشبهون بأهل العلم ويضعون الحديث على العلماء ويروون عنهم ليوقعوا الشك والريب في قلوبهم فعسى يضلون ويضلون، فيسمع الثقات منهم ما يروون ويؤدونها إلى من بعدهم حتى تداولوها بينهم"١.

وكان بعض الزنادقة يعترف بوضعه الحديث بإصرار وتحد وبعضهم يعترف بذلك على أثر توبته وندمه قال ابن لهيعة: "دخلت على شيخ وهو يبكي فقلت له ما يبكيك؟ قال: وضعت أربع مائة حديث أدخلتها في برنامج الناس فلا أدري كيف أصنع"٢. وقال المهدي الخليفة العباسي "أقر عندي رجل من الزنادقة أنه وضع أربع مائة حديث فهي تجول في أيدي الناس"٣ وكان عبد الكريم بن أبي العوجاء يدس الأحاديث في كتاب جده لأمه حماد بن سلمة وجييء به إلى محمد بن سليمان بن علي أمير البصرة ليقتله فلما ايقن بالموت قال: والله لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال وأحل فيها


١ ابن حبان: المجروحين من المحدثين ١/ ٢٠أ.
٢ ابن حبان: المجروحين من المحدثين ١/ ٢٠أ؛ وانظر ابن الجوزي: الأحاديث الموضوعة ١/ ٧ب.
٣ ابن عدي: الكامل ١/ ١٠أ.
ابن الجوزي: الأحاديث الموضوعة ١/ ٤أبسنده عن ابن عدي أيضا، لكنه يذكر "مائة حديث" بدل "أربع مائة".

<<  <   >  >>