للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ذكر المناقضة]

إني أناقضهم إن أزمعوا ونأوا ... وجر نمل ثبيرا إثر عيسهم١

المناقضة تعليق الشرط على نقيضين: ممكن ومستحيل، ومراد المتكلم المستحيل دون الممكن، ليؤثر التعليق عدم وقوع المشروط، فكأن المتكلم ناقض نفسه في الظاهر إذ شرط وقوع أمر بوقوع نقيضين، ومثاله قول النابغة:

وإنك سوف تحكم أو تباهي ... إذا ما شبت أو شاب الغراب

فإن تعليقه وقوع حكم المخاطب على شيبه ممكن، وعلى شيب الغراب مستحيل، ومراده الثاني لا الأول، لأن مقصوده أن يقول: إنك لا تحكم أبدًا.

والفرق بين المناقضة وبين نفي الشيء بإيجابه، أن هذا الباب ليس فيه نفي ولا إيجاب، ونفي الشيء بإيجابه ليس فيه شرط، وبيت الشيخ صفي الدين في المناقضة:

وإنني سوف أسلوهم إذا عدمت ... روحي وأحيت بعد الموت والعدم

فتعليق الشرط بين النقيضين: الممكن والمستحيل ظاهر، والبيت في غاية الحسن والعميان لم ينظموا هذا النوع في بديعيتهم. وبيت عز الدين:

إني أناقض عهد النازحين إذا ... ما شاب عزمي وشبَّت شهوة الهرم

الشيخ عز الدين قرر في بيته وشرحه: إن شيب العزم ممكن، وشباب شهوة الهرم مستحيل. فرأيت تصوير شيب العزم وإمكانه، وسبك استعارته في قالب التشبيه، كما تقرر


١ أزمع: عزم، النأي: البعد والهجر، ثبير: جبل بالقرب من مكة، العيس: الجمال مفردها أعيس.

<<  <  ج: ص:  >  >>