للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ذكر الترديد]

أبدى البديع له الوصف البديع وفي ... نظم البديع حلا ترديده بفمي

الترديد، هو أن يعلق الشاعر لفظة فى بيت واحد، ثم يرددها فيه بعينها ويعلقها بمعنى آخر، كقوله تعالى: {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} ١ واستشهدوا على هذا النوع من النظم، بقول أبي نواس:

صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها ... لو مسها حجر مسته سراء٢

والذي أقول: إن الترديد والتكرار ليس تحتهما كبير أمر، ولا بينهما وبين أنواع البديع قرب ولا نسبة، لانحطاط قدرهما عن ذلك، ولولا المعارضة ما تعرضت لما في بديعيتي، ولكن ذكر زكي الدين ابن أبي الأصبع بينهما فرقًا فيه بعض إشراق، وهو أن اللفظة التي تكرر في البيت، ولا تفيد معنى زائدًا، بل الثانية عين الأولى هي التكرار، واللفظة التي يرددها الناظم في بيته تفيد معنى غير معنى الأولى هي الترديد، وعلى هذا التقدير صار للترديد بعض مزية يتميز بها إلى التكرار، ويتحلى بشعارها، وعلى هذا الطريق نظم أصحاب البديعيات هذا النوع، أعني الترديد. فبيت الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته:

له السلام من الله السلام وفي ... دار السلام تراه شافع الأمم٣


١ الحشر: ٥٩/ ٢٠.
٢ الراء: الحياة والحركة.
٣ السلام: الأولى بمعنى التسليم والثانية من أسماء الله الحسنى، والثالثة بمعنى الجنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>