للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر تشبيه شيئين بشيئين]

شيآن قد أشبها شيئين فيه لنا ... تبسم وعطا كالبرق في الديم

هذ النوع، أعني تشبيه شيئين بشيئين، من المحاسن العزيزة الوقوع، بخلاف كبيرة العدد في التشبيه، فإن ذلك نوع اللف والنشر أحق به، وهو في الاصطلاح، أن يقابل الشاعر بين الأربعة ويلتزم أن كل واحد من المشبه يسد مسد المشبه به.

ومما حكى عن بشار بن برد أنه قال: ما زلت، منذ سمعت قول امرئ القيس في وصف العقاب:

كأن قلوب الطير رطبًا ويابسًا ... لدى وكرها العناب والحشف البالي١

لا يأخذني الهجوع حسدًا له، إلى أن قلت في وصف الحرب:

كأن مثار النقع فوق رءوسنا ... وأسيافنا ليل تهاوت كواكبه٢

ومما يعجبني، في هذا الباب إلى الغاية، قول إبراهيم بن سهيل الإشبيلي:

كأن القلب والسلوان ذهن ... يحوم عليه معنى مستحيل

ومن الغايات التي لا تدرك في هذا الباب، وأنا أستغفر الله قولي من قصيدة:

وحمرة الخد أبدت خيط عارضه ... فخلت كأس مدام وهو معشور٣


١ رطبًا ويابسًا: نيئًا ومشويًا: النيء العناب. والمشوي يشبه الحشف القديم والحشف هو أردأ التمر.
٢ النقع: الغبار. وقد روي: "تهاوى" بدل تهاوت: و"تهاوى" أبلغ من التشبيه وتؤدي معنى تهاوت وزيادة الحركة التي تحسبها في حروف الكلمة: تتهاوى.
٣ مشعور: مكسور كسرًا لم يؤد إل انفصال أجزائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>