للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر حصر الجزئي وإلحاقه بالكلي]

الحق بحصر جميع الأنبياء به ... فالجزء يحلق بالكلي للعظم

هذا النوع الغريب اخترعه الشيخ زكي الدين بن أبي الأصبع، وهو أن يأتي المتكلم إلى نوع فيجعله، بالتعظيم له، جنسًا، بعد حصر أقسام الأنواع فيه والأجناس، كقوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} ١ فإنه سبحانه وتعالى يعلم ما في البر والبحر، من أصناف الحيوانات والجماد حاصر الجزئيات المولدات، فرأى الاقتصار على ذلك لا يكمل به التمدح، لاحتمال أن يظن ضعيف أنه جلّ جلاله يعلم الكليات دون الجزئيات، فإن المولدات، وإن كانت جزئيات بالنسبة إلى جملة العالم، فكل واحد منها كلي بالنسبة إلى ما تحته من الأجناس والأنواع والأصناف، فقال، لكمال التمدح: {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا} ٢. وعلم سبحانه وتعالى أن علم ذلك يشاركه فيه كل ذي إدراك، فتمدّح بما لا يشاركه فيه أحد فقال عز من قائل: {وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ} ٣ ثم ألحق هذه الجزئيات بالكليات فقال: {وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} ٤ وأمثاله من النظم قول الشاعر:

إليك طوى عرص البسيطة جاعل ... قصارى المطايا أن يلوح لها القصر

فكنت وعزمي في الظلام وصارمي ... ثلاثة أشباه كما اجتمع النشر

فبشرت آمالي بملك هو الورى ... ودار هي الدنيا ويوم هو الدهر


١ الأنعام: ٦/ ٥٩.
٢ الأنعام: ٦/ ٥٩.
٣ الأنعام: ٦/ ٥٩.
٤ الأنعام: ٦/ ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>