للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ذكر التفسير]

وصحبه بالوجوه البيض يوم وغى ... كم فسروا من بدور في دجى الظلم

هذا النوع، أعني التفسير، من مستخرجات قدامة، وسماه قوم التبيين، وهو أن يأتي المتكلم أو الشاعر في بيت بمعنى لا يستقل الفهم بمعرفة فحواه دون تفسيره، إما في البيت الآخر، أو في بقية البيت، إن كان الكلام يحتاج إلى التفسير في أوله. والتفسير يأتي بعد الشرط وما هو في معناه، وبعد الجار والمجرور، وبعد المبتدأ الذي يكون تفسيره خبره، بشرط أن يكون المفسَّر مجملًا والمفسر مفصلًا. فمن بديع التفسير الذي وقع في بيت واحد قول بعض المغاربة:

صالوا وجادوا وضاءوا واحتبوا فهم ... أسد ومزن وأقمار وأجبال

فإنه أحسن الترتيب في عجز البيت كله، وجعل المفسَّر في الصدر، بحيث أتى كل قسم مستقلًا بنفسه.

ومثال ما وقع من التفسير بعد الحروف المتضمنة معنى الشرط، قول الفرزدق:

لقد جئت قومًا لو لجأت إليهم ... طريد دم أو حاملًا ثقل مغرم

لألفيت منهم معطيًا ومطاعنًا ... وراءك شزرًا بالوشيج المقوّم١

والفرزدق ما راعى حسن الترتيب في بيته، فإن عندهم عدم الترتيب مع حسن الجوار، وقرب الملائم، لا ينقص حسن الكلام البليغ. ألا ترى إلى قوله تعالى:


١ ألفيت وجدت. الشزر: النظر بطرف العين. الوشيج المقوم: الرمح المستقيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>