للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

شرحه: "وكم حاذق المسبع أخطلا" أي بعض المصنفين الحذاق قال: أخطأ الذي ابتدأ يجمع سبعة. قلت: والحق أنه لا ينبغي هذا القول وابن مجاهد اجتهد في جمعه فذكر ما وصله على قدر روايته فإنه رحمه الله لم تكن له رحلة واسعة كغيره ممن كان في عصره غير أنه رحمه الله ادعى ما ليس عنده فأخطأ بسبب ذلك الناس لأنه قال في ديباجة كتابه ومخبر عن القراءات التي عليها الناس بالحجاز والعراق والشام وليس كذلك بل ترك كثيرا مما كان عليه الناس في هذه الأمصار في زمانه كان الخلق إذ ذاك يقرؤن بقراءة أبي جعفر وشيبة وابن محيصن والأعرج والأعمش والحسن وأبي الرجاء وعطاء ومسلم بن جندب ويعقوب وعاصم الجحدري وغيرهم من الأئمة، وقد تقدم ذكر الذين كانوا يقرؤن زمن مشيخته بقراءة أبي جعفر ويعقوب وخلف نحو خمسين شيخا فكيف يقول: إنه مخبر عن القراءات التي عليها الناس بهذه الأمصار، وقد قال أبو علي الأهوازي، وغيره: هو الذي أخرج يعقوب من السبعة وجعل مكانه الكسائي؟ قيل: لأن يعقوب لم يقع إسناده له إلا نازلا، وأما جعفر فلم تقع له روايته وإلا فهو قد ذكر لأبي جعفر في كتابه السبعة من المناقب ما لم يذكره لغيره.

قلت فكان ينبغي أن يفصح بذلك أو يأتي بعبارة تدل عليه، وهو أن يقول مما عليه الناس أو الذي وصلني أو اخترت أو نحو ذلك لئلا يقع مقلدوه فيما لا يجوز على أنه خطأ في زعم أن ابن مجاهد أراد بهذه السبعة السبعة التي في الحديث حاشا ابن مجاهد من ذلك.

قال تلميذه الإمام أبو طاهر بن أبي هاشم: رام هذا الغافل مطعنا في شيخنا أبي بكر فلم يجده فحمله ذلك على أن قوله قولا لم يقله هو ولا غيره ليجد مساغا إلى ثلبه فحكى عنه أنه اعتقد أن تفسير معنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف" هو قراءات القراء السبعة الذين ائتم أهل الأمصار بهم فقال: على الرجل إفكا واحتقب عارا ولم يحظ من أكذوبته بطائل. وذلك أن أبا بكر كان أيقظ من أن يقلد مذهبا لم يقلد به أحد قبله ثم ذكر الحديث وذكر معناه على أنه سبع لغات وأخذ في تقرير ذلك. قلت: والذي قاله الأئمة أن ابن مجاهد لم يجعل القراء الذين في كتابه سبعة دون أن لا كانوا أكثر أو أقل إلا تأسيا بعدة المصاحف التي وجهت إلى الأمصار من عثمان -رضي الله عنه- وتبركا بقوله -صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف".

وقال الإمام شيخ الإسلام المجمع على علمه وفضله وولايته أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي رحمه الله في كتابه الذي ألفه في معاني حديث: "أنزل القرآن على سبعة أحرف" "فصل": ومن ذهب إلى أن الأحرف السبعة تغاير الألفاظ السبعة على

<<  <   >  >>