للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المرجوة من نصب الخليفة ومبايعته، ولا تجد في الإسلام شأنًا دينيًا لا صلة بينه وبين سعادة الإنسان في دنياه.

وليس عموم ولاية الخليفة وشمولها للشئون الدينية بجاعل الخليفة ذا صلة إلهية أو مستمدًا سلطانه من قوة غيبية، وما هو إلا فرد من المسلمين وثقوا بكفايته لحراسة الدين وسياسة الدنيا فبايعوه على أن يقوم برعاية مصالحهم، وله عليهم حق السمع والطاعة، وسلطانه مكتسب من بيعتهم له وثقتهم به.

ومن هذا يتبين أن الصفة الآلهية التي ألصقها بالرياسة العليا في الحكومة الإسلامية بعض الجهال من عباد السلطة تفخيمًا لشأن الخلفاء وتقديسًا لهم ليست من أصل الدين في شيء وقد قيل لأبي بكر: يا خليفة الله فقال: لست بخليفة الله ولكني خليفة رسول الله. وجمهور العلماء على أنه لا يجوز تلقيب الخلفاء بهذا اللقب ونسبوا قائله إلى الفجور وقالوا: يستخلف من يغيب أو يموت، والله لا يغيب ولا يموت. وكثير من آيات الكتاب الكريم تنفي أن يكون للرسول سلطة دينية على أحد، وأولى أن لا تكون هذه السلطة لواحد من خلفائه. قال تعالى لرسوله: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} ١، وقال: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} ٢، وقال: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} ٣. وفي كثير من آي الكتاب وسنة الرسول وخلفائه الراشدين ما يؤيد الاهتداء برأي الجماعة ورجوع الخليفة عن رأيه إذا بان الصواب في رأي غيره. في كتاب الإسلام والنصرانية "الخليفة عن المسلمين ليس بالمعصوم ولا هو مهبط


١ الغاشية: ٢١.
٢ ق: ٤٥.
٣ البقرة: ٢٧٢.

<<  <   >  >>