للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثاني: منهج التذوق الأدبي في التفسير]

[المراد به]

لا أقصد بالتذوق الأدبي إطلاق العنان لكل قارئ لإعمال ذهنه الذاتي لاستخراج معاني النص؛ لأن هذا سيؤدي بنا حتما وعلى أحسن الأحوال إلى أن نجد في تفسير الآية الواحدة ما يساوي عدد القراء بل أكثر منهم.

ولكن أقصد به الموازنة بين الذات والموضوع، فللذات حقها في جانب الاستغراق في النص والشعور به بحيث لا يصل إلى الاستغراق الصوفي التام الذي يطغى على النص وعلى جانب الجمال الاجتماعي فيه.

وللموضوع حقه في التزام مدلوله اللغوي وحدوده الشرعية والتنبيه الدقيق إلى المعنى الصحيح السليم والتزام أبعاد معانيه ومدلولاته بحيث لا يتجاوزها فيشطح.

إن الموازنة بين الذات والموضوع -في رأيي- هي التي تستقر بصاحبها في ميدان التذوق الأدبي وبقدر الموازنة يكون الاستقرار فيه، فإن طغت الذات على الموضوع خرج عن نطاقه إلى نطاق التفسير الصوفي الذي يعتمد على الأوهام أكثر مما يعتمد على الحقائق، وجنح بصاحبه إلى الخيال الجارف الذي لا يعتمد على قواعد ثابتة ولا أصول راسخة بل يموج ويضطرب كما تضطرب الريشة في الهواء، ومن هنا نفذ الباطنيون إلى الإلحاد في تفسير القرآن الكريم حيث لا ارتباط بالنص ولا بمدلوله بل انسلاخ منه!!.

<<  <  ج: ص:  >  >>