للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأساس الثاني: تذوق النص القرآني]

ونقصد بهذا معنى دقيقا يشعر به كل من يواجه النصوص القرآنية ابتداء، وينسكب في حسه بمجرد الاستماع لهذا القرآن وقد يستطيع أن يترجمه إلى كلمات وقد لا يستطيع، فيبدو على قسمات وجهه عجبا ودهشة لروعة القرآن يسمى هذا تذوقا للنص ويسميه آخرون انطباعًا ذاتيًّا.

واسمع إلى سيد قطب رحمه الله تعالى يقول: "إن في هذا القرآن سرًّا خاصًّا يشعر به كل من يواجه نصوصه ابتداء. قبل أن يبحث عن مواضع الإعجاز فيها إنه يشعر بسلطان خاص في عبارات هذا القرآن. يشعر أن هنالك شيئا ما وراء المعاني التي يدركها العقل من التعبير. وأن هنالك عنصرا ما ينسكب في الحس بمجرد الاستماع لهذا القرآن، يدركه بعض الناس واضحا ويدركه بعض الناس غامضا، ولكنه على كل حال موجود هذا العنصر الذي ينسكب في الحس يصعب تحديد مصدره: أهو العبارة ذاتها؟ أهو المعنى الكامن فيها؟ أهو الصور والظلال التي تشعها؟ أهو الإيقاع القرآني الخاص المتميز من إيقاع سائر القول المصوغ من اللغة؟ أهي هذه العناصر كلها مجتمعة؟ أم أنها هي وشيء آخر وراءها غير محدود؟!

ذلك سر مودع في كل نص قرآني يشعر به كل من يواجه نصوص هذا القرآن ابتداء، ثم تأتي وراءه الأسرار المدركة بالتدبر والنظر والتفكير في بناء القرآن كله"١.

ولعلك تدرك مكانة هذا السر عند سيد إذا علمت أن الأسرار المدركة بالتدبر والنظر ... إلخ، تأتي وراءه.


١ في ظلال القرآن: ج٦ ص٣٣٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>