للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأساس العاشر: اجتناب الإغراق في المسائل اللغوية]

عندما أصدر سيد قطب رحمه الله تعالى كتابه "مشاهد القيامة في القرآن" قال في مقدمته عن القرآن الكريم: "والقرآن: هذا الكتاب المعجز الجميل هو أنفس ما تحويه المكتبة العربية على الإطلاق فلا أقل من أن يعاد عرضه، وأن ترد إليه جدته، وأن يستنقذ من ركام التفسيرات اللغوية والنحوية والفقهية والتاريخية والأسطورية أيضا"١.

وحين ألف "في ظلال القرآن" لم ينس هذا، فنص في مقدمته على محاولته لذلك فقال: "كل ما حاولته ألا أغرق نفسي في بحوث لغوية أو كلامية أو فقهية تحجب القرآن عن روحي وتحجب روحي عن القرآن، وما أستطرد إلى غير ما يوحيه النص القرآني ذاته من خاطرة روحية أو اجتماعية أو إنسانية. وما أحفل القرآن بهذه الإيحاءات"٢.

ولا يعني هذا بحال من الأحوال أن سيدًا أغفل الحديث عن مسائل اللغة والنحو والبلاغة فقد عرض فيه لهذا في عدة مواضع لكنه يعرض لها إن عرض؛ للاستدلال على معاني الآيات وما تحويه من إشارات ولم يعرض لها كهدف وغاية؛ بدليل أنه يورد عند وقفاته النحوية أو اللغوية أو البلاغية سر ورود الآية بهذا التركيب البلاغي أو الصيغة النحوية.

وخذ مثلا لذلك تفسيره لقوله تعالى عن ابنَيْ آدم عليه السلام:

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} ٣ فقد وقف رحمه الله


١ مشاهد القياة في القرآن: سيد قطبن ص٩.
٢ في ظلال القرآن: ج١ ص٦ الطبعة الأولى.
٣ سورة المائدة: ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>