للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاعِلِينَ، قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} ١، والتقدير فألقوه، فـ: {قُلْنَا يَا نَارُ} ... الآية، ولا أظنه يجهل هذا؛ إذ لو كان الأمر كذلك لاستقام تفسيره في غيرها من المعجزات ولكنه ذهب يؤولها بما ينكرها به كلها.

معجزة داود عليه السلام:

وقد سخر الله لداود عليه السلام الجبال يسبحن معه والطير، فقال عز شأنه: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ} ٢، وقد أنكر محمد أبو زيد المعنى المتبادر من {يُسَبِّحْنَ} وصرفه إلى معنى آخر لغير قرينة، فقال: "يسبحن: يعبر عما تظهره الجبال من المعادن التي كان يسخرها داود في صناعته الحربية"٣ ولا أدري لم كان هذا مزية لداود عليه السلام مع أن الناس في القديم والحديث يستخرجون المعادن من الجبال؛ فأي مزية لداود عليه السلام في هذا؟ فإن أراد أن الجبال هي التي تظهره من غير كسب ابن آدم وجهده فهي معجزة لا تقل عن الأولى لكنه لا يريد هذا ولا ذاك.

معجزات سليمان عليه السلام:

وما دام حديثنا هنا في سورة الأنبياء عليهم السلام، فلننظر إنكاره العجيب للمعجزة التي أوتيها سليمان عليه السلام، فقد جاء في هذه السورة قوله تعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ} ٤، قال تفسيرا عجيبا: "تجري بأمره: الآن تجري بأمر الدول الأوروبية وإشارتها في التلغرافات والتليفونات الهوائية"٥، ولا تعليق على هذا التفسير؛ لأن المغايرة بين التفسير والمفسر لا تخفى، إلا التعليق بأنه أراد أن ينكر هذه المعجزة بأية وسيلة.

وكذا تعليم الله سبحانه وتعالى لسليمان عليه السلام منطق الطير


١ سورة الأنبياء: الآيتين ٦٨-٦٩.
٢ سورة الأنبياء: الآية ٧٩.
٣ الهداية والعرفان: ص٢٥٧.
٤ سورة الأنبياء: الآية ٨١.
٥ الهداية والعرفان: ص٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>