للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[منهجه في التفسير]

الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن"، أي: لا يزني وهو مؤمن إيمانا كاملا بل ناقصا، فحينئذ يقال له: آمن ولا يقال: مؤمن كما نفى عنه في الحديث اسم مؤمن؛ لأنه يوهم كمال إيمانه إلا بقيد، فيجوز: مؤمن ناقص الإيمان"١.

إذن: فالخلاف بين الفريقين لفظي, هؤلاء سموه ناقص الإيمان وهؤلاء قالوا: إن ناقص الإيمان لا يسمى مؤمنا لتوهم كمال الإيمان, فيجوز: ناقص الإيمان، وسموه هم كافر نعمة لا كافر شرك.

لكن الخلاف الشديد بين الفريقين في عقاب مرتكب الكبيرة, وهو حتما ليس خلافا لفظيا.

لا يغفر لصاحب الكبيرة ما لم يتب:

هذا أول خلاف بين الفريقين, ذلكم أن الأباضية يرفضون قول أهل السنة بأن صاحب الكبيرة تحت المشيئة, إن شاء غفر له وإن شاء عذبه.

فالشيخ أطفيش مثلا في تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} ٢ يقول: "ولا دليل في الآية على جواز المغفرة لصاحب الكبيرة الميت بلا توبة منها, كما زعم غيرنا لحديث: "هلك المصرون""٣، وكذا قال في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ٤: "والمراد بالآية التنبيه على أنه لا يجوز لمن عصى الله -أي عصيان كان- أن يظن أنه لا يغفر له ولا تقبل توبته، وذلك مذهبنا معشر الأباضية, وزعم القاضي -يقصد البيضاوي- وغيره أن غير الشرك يغفر بلا توبة، ومشهور مذهب القوم -يريد أهل السنة- أن الموحد إذا مات غير


١ هميان الزاد ج١ ص٢٠٢.
٢ سورة البقرة: من الآية ٢٨٤.
٣ هميان الزاد: ج٣ ص٤٤٣.
٤ سورة الزمر: من الآية ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>