للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التحذير من البدع والمنكرات في العقائد]

وهذا السبيل في الإصلاح منتشر في تفاسيرهم وبكثرة، كيف لا وقد كانت العقائد الإسلامية في عصرهم يشوبها كثير من البدع والخرافات التي ابتدعها المبتدعون ما أنزل الله بها من سلطان.

انتشر بين المسلمين تقديس الأولياء، والتمسح بعتباتهم، ولزوم المقابر، ودعاء الأموات، والذبح لغير الله، بله العقائد المنحرفة والملل الملحدة.

وحذر رجال المدرسة الاجتماعية المسلمين مما وقع فيه أكثرهم من البدع والمنكرات؛ كتقديس الأولياء، والذبح عند قبورهم، ودعائهم لهم، واستغاثتهم واستعانتهم بهم، ففي قوله تعالى: {فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ} ١ قال السيد رشيد: "إن الصالحين المصلحين في الأرض هم الذين يحفظ الله بهم الأمم من الهلاك ما داموا يطاعون فيها بحسب سنة الله، وقد فهم الوعاظ والفقهاء من خلفنا الجاهل خلاف ما كان يفهمه السلف الصالح من بركة الصالحين المتقدمين، وحفظ الله الأمم بهم؛ فظنوا أن المراد بهم الذين يكثرون من الصيام والقيام وقراءة الأوراد والأحزاب. كلا، إن من أصحاب الأوراد من يقوم ليلة بورد من تشريع مبتدع هو به عاصٍ لله تعالى؛ لعبادته بغير ما شرعه، فكان مما قال فيهم: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} ٢؛ أي: بهلاكهم.

وفي الحديث: "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر" ٣، كم من مصلٍّ هو مصداق لحديث: "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بُعْدًا" ٤، وكذا كان دراويش مهدي السودان وأمثالهم من المسلمين الجاهلين لهداية القرآن، فنكل بهم الإفرنج بمساعدة الفاسقين من المسلمين واستولوا على بلادهم، وقد علمنا من أخبار المهدي أنه كان على علم وبصيرة في صلاحه؛ ولكن قواده لم يكونوا بعده مثله، وصلاح دراويشه لا بصيرة فيه ولا علم"٥.


١ سورة هود: من الآية ١١٦.
٢ سورة الشورى: من الآية ٢١.
٣ قال محمد رشيد رضا معلقًا: "رواه ابن ماجه بهذا اللفظ، وأحمد والحاكم بتقديم وتأخير".
٤ قال محمد رشيد رضا معلقًا: "رواه أحمد في الزهد عن ابن مسعود موقوفًا، وابن جرير عنه مرفوعًا".
٥ تفسير المنار: محمد رشيد رضا ج١٢ ص٢٤٤، ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>