للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المائدة أدنى إلى الدلالة على الوقوع من هذه الآية؛ وهي {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ.....} ١ الآية، فإن جعل ذلك كله متعلق النعمة يؤذن بوقوعه إلا أن يقال: إن جعل هذه الآيات مما يجري على يديه عند طلبه، والحاجة إلى تحديه به من أجل النعم وأعظمها؛ ولكن هذا خلاف الظاهر"٢.

الحمل بعيسى عليه السلام:

ووردت النصوص القرآنية التي تحدثت عن الحمل بعيسى -عليه السلام- في سورتي آل عمران ومريم وغيرهما؛ ففي الأولى قال تعالى على لسان مريم- عليها السلام- حين بشرها الله بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُون} ٣، وقال تعالى في سورة مريم: {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا، قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} ٤.

ولا شك أن حمل المرأة من غير أن يمسها بشر أمر خارق للعادة، آمن المسلمون به من غير تفصيل لكيفية نشوء الحمل؛ لأنه من الأمور الغيبية التي لا تثبت إلا بالوحي، ولم ينص الوحي على كيفيته؛ فتوقف السلف في ذلك، وأسندوا علمه إلى الله سبحانه وتعالى.

وقد حاول السيد رشيد رضا تقريب حمل مريم بعيسى -عليهما السلام- إلى الأذهان بما تكون به هذه الواقعة أمرًا عاديًّا لا إعجاز فيه، وليس فيه آية للناس، وهذا تفسير باطل نرفضه، فكيف إذا كان تأويله بما هو بعيد عن الحقائق متأثرًا بنظريات علمية ثبت بطلانها وزيفها؛ حيث يقول: "وأقول: اعلم أن الكافرين


١ سورة المائدة: الآية ١١٠.
٢ تفسير المنار: محمد رشيد رضا ج٣ ص٢١١، ٢١٢.
٣ سورة آل عمران: الآية ٤٧.
٤ سورة مريم: الآيتين ٢٠، ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>