للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول: عصره السياسي والعلمي]

أَولا: عصره السياسي:

عَاشَ ابْن الثَّلْجِي فِي الفترة مَا بَين عَام ١٨١هـ إِلَى سنة ٢٦٦هـ، وتكاد تِلْكَ الفترة الَّتِى عاشها تتفق فِي كثير من الملامح الساسية مَعَ الفترة الَّتِي عاشها الدَّارمِيّ، فقد عاشا فِي عصر وَاحِد، إِلَّا أَن ابْن الثَّلْجِي كَانَ أسبق فِي وِلَادَته عَن الدَّارمِيّ بِنَحْوِ من ستعة عشر عَاما كَانَ فِيهَا فِي بداية نشأته وتعلمه.

وَيُمكن القَوْل بِأَن من أهم ملامح الْحَيَاة السياسية الَّتِي عاشها ابْن الثَّلْجِي فِي بداية نشأته أَنَّهَا فَتْرَة بلغت فِيهَا الدولة العباسية أوج قوتها، وتجلى عصرها الذَّهَبِيّ فِي أسمى مظاهره، وَلم يكن ثمَّة دولة تضاهيها فِي الدولة وَالسُّلْطَان وَالْقُوَّة والثروة. تِلْكَ هِيَ الفترة الَّتِي كَانَ الْقَائِم فِيهَا بِأَمْر الْخلَافَة هُوَ الْخَلِيفَة هَارُون الرشيد الَّذِي يعد من أبرز الْخُلَفَاء الَّذين عرفهم التَّارِيخ، فقد كَانَ تقيًّا محسنًا متمسكًا بِدِينِهِ ماهرًا فِي قيادة الجيوش، كثير التجوال فِي أملاكه بِقصد الْقَضَاء على الفوضى، موضعا لثقة أَبِيه مُنْذُ حداثته.

وَرَغمَ ماحدث من بعض الْفِتَن الداخلية والمنازعات الَّتِي كَانَ من أبرزها قيام دولة الأغالبة واستقلالها بالقيروان إِلَّا أَن هَذَا يتضاءل مَعَ مِقْدَار مَا تمّ فِي عهد الرشيد من فتوح ومنجزات فِي مُخْتَلف الميادين، إِلَى أَن توفّي سنة ١٩٣ عَن عمر يناهز ٤٤ عَاما.

<<  <  ج: ص:  >  >>