للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في ذلك سوى يد تمتد إلى صندوق لتخرج منه أنبوبة السم الفتاك، وتظل تتراقص بين شفتيه وهو هائم بها مفتون، حتى يؤول به الأمر إلى أن يسقط في النهاية مصروعا، وقد سرى في سائر جسده سم الأفعى.

يقول الشيخ محمد ابن إبراهيم رحمه الله (ولذلك يتركه كثيرا من الناس خوفا من ضرره وكراهية لرائحته، وقد يعلقون طلاق نسائهم على العودة إليه، يريدون بذلك تركه نهائيا، فإذا حمل إليهم وقت الحاجة لم يستطيعوا الإعراض عنه أبدا، بل يقبلون عليه بكلياتهم كل الإقبال ولو طلقت نساؤهم فله سلطان عظيم على عاشقيه وتأثير على العقل، وذلك أن شاربه يفزع إلى شربه إذا نزل به مكدر فيتسلى، ويذهل العقل بعض الذهول) ا. هـ.

ويقول الشيخ رحمه الله في شرح طريقة عمل النيكوتين في إفساد الجسم:

(وقد أثبت الأطباء له مضار عظيمة وقالوا إنها تكمن في الجسم أولا ثم تظهر فيه تدريجيا، وذكروا أن الدخان الذي يتصاعد عن أوراق التبغ المحترقة يحتوي على كمية وافرة من المادة السامة –هي النيكوتين- فإذا دخل الفم والرئتين أثر فيهما تأثيرا موضعيا وعموميا، لأنه عند دخوله الفم تأثر المادة الحريفة السامة التي هي فيه- في الغشاء المخاطي، فيهيجه تهييجا قويا، وتسيل منه كمية زائدة من اللعاب، وتغير تركيبه الكيماوي بعض التغيير بحيث يقل فعله في هضم الطعام، وكذلك تفعل في مفرز المعدة كما فعلت في مفرز الفم- فيحصل حينئذ عسر الهضم.

وعند وصول الدخان إلى الرئتين عن طريق الحنجرة تؤثر فيهما المادة الحريفة فتزيد مفرزهما، وتحدث فيهما التهابا قويا مزمنا.. فيتهيج السعال حينئذ لإخراج ذلك المفرز الغزير الذي هو البلغم- ويتسبب عن ذلك: تعطل الشرايين الصدرية، وعروض أمراض صدرية يتعذر البرء منها، وما يجتمع على باطن القصبة من آثار التدخين الكريهة الرائحة يجتمع مثله على القلب: فيضغط على فتحاته ويصد عنه الهواء فيحصل حينئذ عسر التنفس، وتضعف المعدة، ويقل هضم الطعام، ويحصل عند المباشر له الذي لم يعتد دوار وغثيان وقيء وصداع، وارتخاء للعضلات ووهي للأعصاب ثم سبات.. وهي كناية عن حالة التخدير الذي هو من لوازم التبغ المتفق عليه- وذلك لما يحويه من المادة السامة) ا. هـ.

<<  <   >  >>