للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالت المالكية: إن ذلك خلاف المندوب.

قلت: واحرص ـ أخي المصلي ـ على تكبيرات الانتقال، وإياك أن تتهاون فيها، أو أن تضعها في غير موضعها.

قالت الحنابلة: إنه مبطل للصلاة إن تعمده، ويجب عليه سجود السهو إن فعله ساهياً، لأن تعمير الأركان بالذّكر واجب عندهم (١) ٢) .

والراجح: ما ذهب إليه الحنابلة، إذ عدُّ هذه التكبيرات من السنن، ينافي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - المسيء صلاته بها، كما جاء في روايةٍ لأبي داود وغيره من حديث رفاعة بن رافع (٢) ، فهي إذن واجبة، ومؤيّد بعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) .

وقد قرر الإمام الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (٣) ثم في ((السيل الجرار)) (٤)

أن الأصل في جميع الأمور الواردة في حديث المسيء صلاته الوجوب، وفد نصّ الشوكاني نفسه في ((النيل)) أن هذه التكبيرات مما جاء فيه في بعض الروايات، ثم نسي ذلك في ((السيل)) فذكرها (١/ ٢٢٧ ـ ٢٢٨) في جملة السنن!!

فسبحان ربّي لا يضلّ ولا ينسى، وقد ذهب إلى الوجوب الإِمام أحمد، كما


(١) الدين الخالص: (٣/٢١٢) وانظر: ((المحلى)) : (٤/١٥١) و ((فتح الباري)) : (٢/٢٧٣) .
(٢) انظر: ((سنن أبي داود)) : (١/٢٢٧) .
(٣) انظر: (٢/٢٢٢ – ٢٢٤) .
(٤) انظر: (١/ ٢١٠ – ٢١٣) . وقد قرر ابن دقيق العيد نحو المذكور عن الشوكاني، فقال: ((لكن يحتاج أولاً إلى جمع طرق هذا الحديث وإحصاء الأمور المذكورة فيه، والأخذ بالزّائد فالزائد، ثم إن عارض الوجوب أو عدمه، دليل أقوى منه عمل به، وإن جاءت صيغة الأمر في حديث آخر بشيء لم يذكر في هذا الحديث قُدّمت)) وقال قبل ذلك: ((فكل موضع اختلف الفقهاء في وجوبه وكان مذكوراً في هذا الحديث فلنا أن نتمسك به في وجوبه)) .
وقد امتثل الحافظ ابن حجر لما أشار إليه ابن دقيق العيد. فجمع طرق حديث المسيء صلاته من رواية أبي هريرة ورفاعة، وتعقّب النووي في بعض كلامه. انظر: ((فتح الباري)) : (٢/٢٧٩ -٢٨٠) وقارن بـ ((الصلاة وحكم تاركها)) : (ص ١٣٩) .

<<  <   >  >>