للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

((فإن الله أحق أن يُتَزَيَّن له)) (١)

، وليس من الهيئة الحسنة في عرف السّلف، اعتياد حسر الرأس، والسيّر كذلك في الطرقات والدخول كذلك في أماكن العبادات، بل هذه عادة أجنبيّة، تسرّبت إلى كثير من البلاد الإسلاميّة، حينما دخلها الكفار، وجلبوا إليها عاداتهم الفاسدة، فقلّدهم المسلمون فيها، فأضاعوا بها وبأمثالها من التقاليد شخصيتهم الإسلاميّة، فهذا العرض الطاري (٢)

لا يصلح أن يكون مسوغاً لمخالفة العرف الإسلامي السابق، ولا إتخاذه حجة لجواز الدخول في الصّلاة حاسر الرأس.

وأما استدلال بعض إخواننا من أنصار السّنة في مصر على جوازه، قياساً على حسر المحرم في الحج، فمن أبطل قياس قرأته عن هؤلاء الإخوان، كيف، والحسر في الحج شعيرة إسلامية، ومن مناسكه التي لا تشاركه فيه عبادة أخرى، ولو كان القياس المذكور صحيحاً، للزم القول بوجوب الحسر في الصلاة، لأنه واجب في الحج.

وهذا إلزام لا انفكاك لهم عنه، إلا بالرجوع عن القياس المذكور، ولعلهم يفعلون)) (٣) .

ولم يثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - صلّى ـ في غير الإحرام ـ وهو حاسر الرأس، دون عمامة، مع توفّر الدّواعي لنقله أو فعله. ومن زعم ثبوت ذلك، فعليه الدّليل، والحقّ أحق أن يتّبع (٤) .


(١) وأوله: ((إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه، فإن الله....)) . أخرجه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) : (١/٢٢١) والطبراني والبيهقي في ((السنن الكبرى)) : (٢/٢٣٦) وإسناده حسن، كما في ((مجمع الزوائد)) : (٢/٥١) . وانظر: ((السلسلة الصحيحة)) : رقم (١٣٦٩) ..
(٢) الوارد في حديث ابن عباس: ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ربما نزع قلنسوته، فجعلها سترة بين يديه)) . وهو حديث ضعيف.

قال الألباني: ((ويكفي دلالة على ذلك ـ أي ضعفه ـ تفرّد ابن عساكر به. وقد كشفت عن علّته في ((الضعيفة)) (٢٥٣٨)) ) وقال أيضاً: ((إنه لو صح، فلا يدل على الكشف مطلقاً، فإن ظاهره: أنه كان يفعل ذلك عند عدم تيسّر ما يستتر به، لأن اتخاذ السترة أهم، للأحاديث الواردة فيها)) .
(٣) تمام المنة في التعليق على فقه السنة: (ص١٦٤ ـ ١٦٥) .
(٤) الدين الخالص: (٣/٢١٤) والأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة: (ص١١٠) .

<<  <   >  >>