للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(١) باب الكبائر وعلامات النفاق]

[{الفصل الأول}]

٤٩- (١) عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: ((قال رجل: يا رسول الله، أي الذنب

ــ

(باب الكبائر) جمع كبيرة، اعلم أنه ذهب الجمهور من السلف والخلف من جميع الطوائف إلى أن من الذنوب كبائر ومنها صغائر، وقد تظاهر على ذلك دلائل من الكتاب كقوله تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} [٤:٣١] ، وقوله تعالى: {والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم} [٥٣:٣٢] وغير ذلك من الآيات، والسنة الصحيحة كالأحاديث التي دلت على انقسام المعاصي إلى ما تكفره الصلوات الخمس أو صوم رمضان أو الحج أو العمرة أو الوضوء أو صوم عرفة أو صوم عاشوراء أو فعل الحسنة أو غير ذلك مما جاءت به الأحاديث الصحيحة الثابتة، وإلى ما لا يكفره ذلك كما ثبت في الصحيح: ((ما لم يغش كبيرة)) . وشذت طائفة فقالت: ليس في الذنوب صغيرة، بل كل ما نهى الله عنه كبيرة، ثم اختلف الجمهور في ضبط الكبيرة اختلافاً كثيراً، فقيل كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب، روي ذلك عن ابن عباس. وقيل ما وجبت فيه الحدود في الدنيا أو توجه إليها الوعيد بالنار في الآخرة، ومراد قائله: ضبط ما لم يرد فيه نص بكونه كبيرة. وقيل الأولى ضبطها بما يشعر بتهاون مرتكبها بدينه إشعاراً دون الكبائر المنصوص عليها. والراجح أن كل ذنب نص على كبره أو عظمه أو توعد عليه بالعقاب في الآخرة أو ختم بالغضب أو اللعنة أو علق عليه حد أو شدد النكير عليه أو وصف فاعلها بالفسق فهو كبيرة. وذهب جماعة إلى أن الذنوب التي لم ينص على كونها كبيرة مع كونها كبيرة لا ضابط لها. قال الواحدى: ما لم ينص الشارع على كونه كبيرة فالحكمة في إخفاء أن يمتنع العبد من الوقوع فيه خشية أن يكون كبيرة كإخفاء ليلة القدر وساعة الجمعة والاسم الأعظم. هذا، وارجع للتفصيل إلى شرح مسلم للنووي في باب الكبائر من كتاب الإيمان، والفتح (ج٥: ص٥٢٦) في شرح باب عقوق الوالدين من الكبائر من أبواب الأدب، وفي شرح باب رمى المحصنات من كتاب المحاربين (ج٦: ص٣٨٣) والزواجر للهيتمي، والإحياء للغزالي (وعلامات النفاق) تخصيص بعد تعميم.

٤٩-قوله: (عن عبد الله بن مسعود) بن غافل بن حبيب الهذلي، يكنى أباعبد الرحمن، أسلم قديماً في أول الإسلام قبل دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - دار الأرقم وقبل عمر بزمان، وقيل: كان سادساً في الإسلام، ثم ضمه إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان من خواصه، وكان يعرف في الصحابة بصاحب النعلين والسواك والسواد والطهور، هاجر الهجرتين وشهد بدراً والمشاهد كلها، وصح عنه أنه قال: أخذت من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعين سورة. وكان يشبه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في سمته ودله وهديه، وشهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنة فيما ذكر في حديث العشرة بإسناد حسن جيد. كان من كبار العلماء من الصحابة شهد فتوح الشام وولي القضاة بالكوفة وبيت مالها لعمر وصدراً من خلافة عثمان، ثم صار إلى المدينة فمات بها

<<  <  ج: ص:  >  >>