للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يضحك منه)) .

٩٩٤- (١٠) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن عفريتاً من الجن تفلّت

ــ

واسترخاءه وامتلاءه. والمراد التحذير من السبب الذي يتولد منه ذلك، وهو التوسع في المآكل. (يضحك) أي الشيطان، حقيقة أو كناية عن فرحه وسروره بكونه أغواه بتعاطي سبب التثاؤب، وهو كثرة الأكل فطاوعه واغتوى، والأصل الأول، إذ لا ضرورة تدعوا إلى العدول عن الحقيقة. (منه) أي من ذلك القول. قال الطيبي: أي يرضى بتلك الفعلة، والضمير في "منه" راجع إلى المشار إليه بذا "وكم" بيان لخطاب الجماعة، وليس بضمير. وقال ابن حجر: يضحك حال-انتهى. ويمكن أن يكون استئناف بيان. تنبيه: لم أجد حديث أبي هريرة عند البخاري باللفظ الذي ذكره المصنف، نعم روى أبوداود عن أبي هريرة بلفظ: إذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، ولا يقل: هاه هاه، فإنما ذلكم من الشيطان، يضحك منه. ولفظه عند البخاري في رواية: وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فليرده ما استطاع، فإذا قال: "ها" ضحك منه الشيطان، وفي أخرى: فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا قال: ها ضحك الشيطان، وفي أخرى: فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان. والظاهر أن المصنف أخذ الطرف الأول من حديث أبي سعيد عند مسلم، أي قوله: إذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع، وأخذ الطرف الآخر من حديث أبي داود، أي قوله: ولا يقل هاه، فإنما ذلكم الشيطان، يضحك منه. فجعل مجموعهما حديثاً واحداً من رواية أبي هريرة وعزاه للبخاري، ولا يخفى ما في هذا الصنيع. ثم رأيت جامع الأصول (ج٧: ص٣٩٨) للجزري وقد وقع فيه مثل ما في المشكاة، فلعل المصنف تبعه في ذلك. والله أعلم.

٩٤- قوله: (إن عفريتاً) بكسر العين وسكون الفاء وكسر الراء، أي جنياً خبيثاً منكراً مبالغاً في المردودة، مع دهاء وخبث. فعليت من العفر بكسر فسكون، وهو الخبث، قاله القاري. (من الجن) بيان له. قال ابن عبد البر: الجن على مراتب، فالأصل جني، فإن خالط الإنس، قيل: عامر، ومن تعرض منهم للصبيان قيل: أرواح، ومن زاد في الخبث قيل: شيطان، فإن زاد على ذلك قيل: مارد، فأن زاد على ذلك قيل: عفريت. وقال الراغب: العفريت من الجن هو العارم الخبيث، وإذا بولغ فيه قيل: عفريت نفريت. وقال ابن قتيبة: العفريت الموثق الخلق. وقال الزجاج: العفريت النافذ في الأمر المبالغ فيه من خبث ودهاء. (تفلت) أي عليّ، كما في رواية. وهو بفتحات وتشديد اللام، أي تعرض لي فلتة، أي بغتة في سرعة. وقال القزاز: يعني توثب، وقيل: تخلص فجأة. قال ابن حجر: أي من أسر سليمان عليه الصلاة والسلام الذي حرق الله له به عادة الأنبياء والملوك، حتى مكنه مما أراد بهم. وفي رواية: عرض لي فشد علي. فإن قلت: قد ثبت أن الشيطان يفر من ظل عمر، وأنه يسلك في غير فجه، ففراره من النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى، فكيف شد عليه الصلاة والسلام وأراد قطع صلاته؟

<<  <  ج: ص:  >  >>