للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٢- (١٤) وعن حذيفة قال: إنما النفاق كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأما اليوم فإنما هو الكفر أو الإيمان، رواه البخاري.

[(٢) باب في الوسوسة]

ــ

٦٢- قوله: (وعن حذيفة) أي موقوفاً. وهو حذيفة بن اليمان بن حسيل - مصغراً -، ويقال: حسل بكسر فسكون -، ابن جابر العبسى أو عبد الله الكوفي، حليف بني عبد الأشهل من الأنصار، صحابي جليل من السابقين، أسلم هو وأبوه وأراد حضور بدر فأخذهما المشركون فاستحلفوهما فحلفا لهم أن لا يشهدا، فقال لهما النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم)) . وشهدا أحداً، فقتل أباه اليمان يومئذٍ بعض المسلمين وهو يحسبه من المشركين، وشهد حذيفة الخندق وله بها ذكر حسن وما بعدها، وكان عمر يسأله عن المنافقين، وهو معروف في الصحابة بصاحب سِرِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأسَرَّ إليه بعض أسماء المنافقين، وكان عمر ينظر إليه عند موت من مات منهم، فإن لم يشهد جنازته حذيفة لم يشهدها عمر. وصح في مسلم عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمه بما كان وما يكون حتى تقوم الساعة (يعني من الفتن والحوادث) . ومناقبه كثيرة مشهورة استعمله عمر على المدائن فلم يزل بها حتى مات بعد قتل عثمان بأربعين يوماً سنة (٣٦) في أول خلافة علي. وكانت له فتوحات سنة (٢٢) في الدينور وماسبذان وهمدان والري وغيرها. له مائة حديث وأحاديث، اتفقا على اثني عشر، وانفرد البخاري بثمانية، ومسلم بسبعة عشر. روي عنه جماعة من الصحابة والتابعين. (إنما النفاق كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي حكم النفاق بعدم التعرض لأهله والستر عليهم كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمصالح كانت مقتصرة على ذلك الزمان، منها أن المؤمنين إذا ستروا على المنافقين أحوالهم خفي على المخالفين حالهم، وحسبوا أنهم من جملة المسلمين فيجتنبوا عن مخاشنتهم لكثرتهم، بل أدى ذلك إلى أن يخافوا وتقل شوكتهم. ومنها أن الكفار إذا سمعوا مخاشنة المسلمين مع من يصحبهم كان ذلك سبباً لنفرتهم منه. ومنها أن من شاهد حسن خلقه - عليه السلام - مع مخالفه رغب في صحبته ووافق معه سراً وعلانية ودخل في دين الله بوفور ونشاط. (فأما اليوم) أي بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - (فإنما هو) أي الأمر والحكم، يدل عليه سياق الكلام. أي الشأن الذي استقر عليه الشرح (الكفر أو الإيمان) والضمير المبهم يفسره ما بعده، وأو للتنويع، يعني فأما اليوم فلم تبق تلك المصالح، فنحن إن علمنا أنه كافر سراً أجرينا عليه أحكام الكافرين وقتلناه. قال الحافظ في الفتح: مراد حذيفة نفي اتفاق الحكم لا نفي الوقوع؛ لأن النفاق إظهار الإيمان وإخفاء الكفر، ووجود ذلك ممكن في كل عصر، وإنما اختلف الحكم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتألفهم ويقبل ما أظهروه من الإسلام ولو ظهر منهم احتمال خلافه، وأما بعده فمن أظهر شيئاً فإنما يؤاخذ به ولا يترك لمصلحة التألف؛ لعدم الاحتياج إلى ذلك - انتهى. (رواه البخاري) في الفتن.

(باب في الوسوسة) الوسوسة الصوت الخفي، ومنه: وسواس الحلي لأصواتها، وقيل: ما يظهر في القلب من الخواطر

<<  <  ج: ص:  >  >>