للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته

ــ

البراء بن عازب عند الطبراني في الأوسط، وسعيد بن منصور في سننه مرفوعاً بلفظ: من صلى قبل الظهر أربع ركعات كان كمن تهجد بهن من ليلته الحديث. (وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب في بيته) الظاهر أن قوله: في بيته قيد للأخيرة ويؤيد ذلك قوله. (وركعتين بعد العشاء في بيته) وهذا لفظ البخاري في رواية. وفي لفظ له: فأما المغرب والعشاء ففي بيته. قال الحافظ: استدل به على أن فعل النوافل الليلة في البيوت أفضل من المسجد بخلاف رواتب النهار، وحكي ذلك عن مالك والثوري. وفي الاستدلال به لذلك نظر. والظاهر أن ذلك لم يقع عن عمد، وإنما كان - صلى الله عليه وسلم - يتشاغل بالناس في النهار غالباً، وبالليل يكون في بيته غالباً. وأغرب ابن أبي ليلى، فقال لا تجزئ سنة المغرب في المسجد، حكاه عبد الله بن أحمد عنه عقب روايته لحديث محمود بن لبيد رفعه: أن الركعتين بعد المغرب من صلاة البيوت، وقال: إنه حكى ذلك لأبيه عن أبي ليلى، فاستحسنه- انتهى. قلت: الظاهر أن فعل الركعتين بعد المغرب في البيت أفضل وأن ذلك وقع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عمد، يدل عليه حديث محمود بن لبيد عند أحمد بلفظ: اركعوا هاتين الركعتين في البيوت، وحديث كعب بن عجزة الآتى، واختلفوا في أن تطوع في المسجد أفضل أو في البيت. قال ابن عبد البر: قد اختلف الآثار وعلماء السلف في صلاة النافلة في المسجد، فكرهها قوم لهذا الحديث. والذي عليه العلماء أنه لا بأس بالتطوع في المسجد لمن شاء إلا إنهم مجعمون على أن صلاة النافلة في البيوت أفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: صلاة الرجل في بيته أفضل من صلاته في مسجدى إلا المكتوبة- انتهى. وفرق المالكية بين الرواتب والنفل المطلق، وبين الغرباء وأهل المدينة ففي الشرح الكبير لهم وندب إيقاع نفل بمسجد المدينة بمصلاه - صلى الله عليه وسلم -. قال الدسوقي: إن قلت هذا يخالف ما تقرر أن صلاة النافلة في البيوت أفضل من فعلها في المسجد قلت: يحمل كلام المصنف على الرواتب فإن فعلها في المساجد أولى كالفرائض بخلاف النفل المطلق، فإن فعلها في البيوت أفضل ما لم يكن في البيت ما يشغل عنها، أو يحمل كلامه على من صلاته بمسجده عليه السلام أفضل من صلاته في البيت كالغرباء، فإن صلاتهم النافلة بمسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل من صلاتهم لها في البيوت، سواء كانت النافلة من الرواتب أو كانت نفلاً مطلقاً بخلاف أهل المدينة، فإن صلاتهم النفل المطلق في بيوتهم أفضل من فعله في المسجد- انتهى. وأما عند الحنفية والحنابلة فالأفضل أداء التطوع في البيت مطلقاً، ولا كراهة في المسجد. أما كون البيوت أفضل في حق التطوع مطلقاً فللأحاديث التي وردت عن جماعة من الصحابة في الترغيب في صلاة النافلة في البيت. ذكرها المنذري في الترغيب (ج١ ص١٣٣) ؛ ولأن هديه - صلى الله عليه وسلم - كان فعل عامة السنن والتطوع الذي لا سبب له في البيت وأما إنه لو فعلها في المسجد أجزأت من غير كراهة فلما يأتي من حديث ابن عباس في الفصل الثالث قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطيل القراءة في الركعتين بعد المغرب حتى يتفرق أهل المسجد. ولما روى مسلم من حديث أبي هريرة: إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعاً، زاد في

<<  <  ج: ص:  >  >>