للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوتر. وكان يصلي ليلاً طويلاً قائماً، وليلاً طويلاً قاعداً، وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم. وكان إذا قرأ قاعداً ركع وسجد وهو قاعد. وكان إذا طلع الفجر

ــ

أي في جملتهن. (الوتر) وجاء بيان ذلك فيما روى مسلم وغيره عن سعيد بن هشام أنه قال لعائشة: أنبئينى عن وتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: كنا نعد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله متى شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك ويتوضأ، ويصلي تسع ركعات، لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليماً يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد. فتلك إحدى عشر ركعة يا بني. فلما أسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخذه اللحم أوتر بسبع، وصنع في الركعتين مثل صنيعة الأول. فتلك تسع يا بني الخ. (وكان يصلي ليلاً طويلاً) أي زماناً طويلاً من الليل. (قائماً وليلاً طويلاً قاعداً) قال في لمفتاتيح: يعني يصلي صلاة كثيرة من القيام والقعود أو يصلى ركعات مطولة في بعض الليالي من القيام، وفي بعضها من القعود. (وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم) أي لا يقعد قبل الركوع، قاله ابن حجر. وقال الطيبي: أي ينتفل من القيام إليهما. وكذا التقدير في الذي بعده، أي ينتفل إليهما من القعود. (وكان إذا قرأ قاعداً ركع وسجد وهو قاعد) أي لا يقوم للركوع، كذا في المفاتيح. وفيه دليل على أن المشروع لمن قرأ قائماً أن يركع ويسجد من قيام، ومن قرأ قاعداً أن يركع ويسجد من قعود. وفي رواية لمسلم: فإذا افتتح الصلاة قائماً ركع قائماً، وإذا افتتح الصلاة قاعداً ركع قاعداً. وروى الشيخان وغيرهما عن عائشة أنها لم تر النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاة الليل قاعداً قط حتى أسن، وكان يقرأ قاعداً، حتى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحواً من ثلاثين أو أربعين آية ثم ركع ثم سجد ثم يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك. وهذا يدل على جواز الركوع من قيام لمن قرأ قاعداً. فيحمل على أنه كان يفعل أحياناً هذا وأحياناً ذاك. وبهذا يحصل التوفيق بين الحديثين. قال العراقي: يحمل على أنه كان يفعل مرة كذا، فكان مرة يفتتح قاعداً ويتم قراءته قاعداً ويركع قاعداً، وكان مرة يفتتح قاعداً ويقرأ بعض قراءته قاعداً وبعضها قائماً ويركع قائماً، فإن لفظ "كان" لا يقتضي المداومة – انتهى. واعلم أن ههنا أربع صور: الأولى أن ينتفل من القيام إلى الركوع والسجود، والثانية أن ينتقل من القعود إليهما، وهاتان مذكورتان في حديث عبد الله بن شقيق عن عائشة. والثالثة أن يتنفل من القعود إلى القيام ويقرأ بعض القراءة قائماً، ثم يتنفل من القيام إلى الركوع والسجود. وهذه مذكورة في حديث عائشة الذي ذكرنا، والرابعة عكس الثالثة، وهي أن يتنفل من القيام إلى القعود فيقرأ بعض القراءة قاعداً، ثم ينتفل من القعود إلى الركوع والسجود، ولم ترو هذه الصورة وعلى هذا فكان - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الليل على ثلاث أحوال: قائماً في كلها، وقاعداً في كلها، وقاعداً في بعضها ثم قائماً. وأما أن يكون قائماً في بعضها ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>