للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة: عليك طويل فارقد،

ــ

القرين أو غيره من أعوان الشيطان، ويحتمل أن يراد به رأس الشياطين وهو إبليس، وتجوز نسبة ذلك إليه، لكونه الآمر لأعوانه بذلك الداعي إليه (على فاقية رأس أحدكم) أي مؤخره، وقفاه وقافية كل شيء آخره، ومنه قافية الشعر، لأنه آخره. وظاهر قوله "أحدكم" التعميم في المخاطبين، ومن في معناهم، ويمكن أن يخص منه من ورد في حقه أنه يحفظ من الشيطان كالأنبياء ومن يتناوله قوله: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} ، وكمن قرأ آية الكرسي عند نومه لطرد الشيطان، فقد ثبت أنه يحفظ من الشيطان حتى يصبح. (إذا هو نام) أي حين نام. قال الحافظ: كذا للأكثر، وللحموي والمستملي: إذا هو نائم بوزن فاعل، والأول أصوب، وهو الذي في الموطأ- انتهى. وقيل: بل الظاهر أن رواية المستملي أصوب، لأنها جملة اسمية والخبر فيها اسم. (ثلاث عقد) كلام إضافي منصوب، لأنه مفعول، والعقد بضم العين وفتح القاف جمع عقدة بسكون القاف، والتقييد بالثلاث. إما للتأكيد أو لأنه يريد أن يقطعه عن ثلاثة أشياء الذكر والوضوء والصلاة، فكأنه منع من كل واحدة منها بعقدة عقدها على مؤخر رأسه، وكان تخصيص القفا بذلك، ولكونه محل الواهمة ومحل تصرفها، وهو أطوع القوى للشيطان وأسرع إجابة لدعوته. (على كل عقدة) متعلق بيضرب، وللمستلي: على مكان عقدة، والكشمهيني: عند يلقي مكان كل عقدة. وقوله: يضرب أي بيده على العقدة تأكيداً وأحكاماً لها قائلاً: عليك ليل طويل. وقيل: معناه يلقي الشيطان في نفس النائم هذا القول ويسوله واقعاً ومستولياً على كل عقدة يعقدها من ضرب الشبكة على الطائر ألقاها عليه. وقيل ومعناه يحجب الحس عن النائم حتى لا يستيقظ، ومنه قوله تعالى: {وضربنا على آذانهم} [١٨: ١١] أي حجبنا الحس أن يلج في آذانهم فينتبهوا، وفي حديث أبي سعيد: ما ينام أحد إلا ضرب على سماخه بجرير معقود. أخرجه المخلص في فوائده. والسماخ بكسر السين المهملة وآخره معجمة، ويقال بالصاد المهملة بدل السين. (عليك ليل طويل فارقد) أي يضرب على كل عقدة قائلاً عليك ليل طويل الخ. فالجملة مفعول للقول المحذوف، وارتفاع ليل بالابتداء وعليك خبره مقدماً، أي باق عليك ليل طويل، ويجوز أن يكون ارتفاع ليل بفعل محذوف، أي بقي عليك ليل طويل، وعلى هذا كان الفاء في قوله "فارقد" رابطة شرط مقدر، أي وإذا كان كذلك فارقد ولا تعجل بالقيام ففي الوقت متسع. وقيل: قوله عليك اغراء أي عليك بالنوم أمامك ليل طويل، فالكلام جملتان، والثانية مستأنفة كالتعليل للجملة الأولى. وفي رواية مسلم: عليك ليلاً طويلاً. قال عياض رواية الأكثرين عن مسلم بالنصب على الإغراء. قال القرطبي: الرفع أولى من جهة المعنى، لأنه الأمكن في الغرور من حيث أنه يخبره عن طويل الليل ثم يأمره بالرقاد بقوله "فارقد". وإذا نصب على الإغراء لم يكن فيه إلا الأمر بملازمة طول الرقاد، وحينئذٍ يكون قوله "فارقد" ضائعاً، ومقصود الشيطان بذلك تسويفه بالقيام والإلباس عليه. وقد اختلف في هذا العقد: فقيل هو على الحقيقة، وأنه كما يعقد الساحر من يسحره، وأكثر من يفعله النساء تأخذ إحداهن

<<  <  ج: ص:  >  >>