للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم،

فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم إن هذا

الأمر خير لي في ديني، ومعاشي،

ــ

ويختار} الآية [٢٨: ٦٨] ، وقوله: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة} الآية [٣٣: ٣٦] . (ثم ليقل) ندباً. وهذا ظاهر في تأخير الدعاء عن الصلاة، فلو دعا به في أثناء الصلاة احتمل الإجزاء، كما يشير إليه رواية أبي داود بلفظ: وليقل. (اللهم إني أستخيرك) أي أطلب منك بيان ما هو خير لي. (بعلمك) أي أسألك أن ترشدني إلى الخير فيما أريد بسبب أنك عالماً. (واستقدرك) أي أطلب منك أن تجعل لي قدرة عليه، أي تجعلني قادراً عليه إن كان فيه خير. ويحتمل أن يكون المعنى أطلب منك أن تقدره لي، والمراد بالتقدير التيسير. (بقدرتك) الباء فيه وفي قوله: "بعلمك" للتعليل، أي لأنك أعلم وأقدر، أو للاستعانة، كقوله: {بسم الله مجريها ومرساها} [١١: ٤١] أي أطلب منك الخير والقدرة مستعيناً بعلمك وقدرتك، أو للاستعطاف كما في قوله: {رب بما أنعمت علي} [٢٨: ١٧] أي بحق علمك وقدرتك الشاملين. (وأسألك من فضلك العظيم) أي أسألك ذلك لأجل فضلك العظيم لا لاستحقاقي لذلك ولا لوجوبه عليك، إذ كل عطائك فضل، ليس لأحد عليك حق في نعمة ولا في شيء، فكل ما تهب فهو زيادة مبتدأة من عندك لم يقابلها منا عوض فيما مضى ولا يقابلها فيما يستقبل. (فإنك تقدر) بالقدرة الكاملة على كل شيء ممكن تعلقت به إرادتك. (ولا أقدر) على شيء إلا بقدرتك وحولك وقوتك. (وتعلم) بالعلم المحيط بجميع الأشياء خيرها وشرها كليها وجزئيها ممكنها وغيرها. (ولا أعلم) شيئاً منها إلا بإعلامك. (وأنت علام الغيوب) بضم الغين أي أنت كثير العلم بجميع المغيبات؛ لأنك تعلم السر وأخفى فضلاً عن الأمور الحاضرة والأشياء الظاهرة في الدنيا والآخرة. قال الحافظ في قوله: "فإنك تقدر"الخ. إشارة إلى أن العلم والقدرة لله وحده، وليس للعبد من ذلك إلا ما قدر الله له، وكأنه قال أنت يا رب تقدر قبل أن تخلق في القدرة، وعندما تخلقها فتى، وبعد ما تخلقها. (اللهم أن كنت تعلم) الترديد راجع إلى عدم علم العبد بمتعلق علمه تعالى، إذ يستحيل أن يكون خيراً ولا يعلمه العليم الخبير، وهذا ظاهر. قال الكرماني: الشك في أن العلم متعلق بالخير أو الشر لا في أصل العلم. (إن هذا الأمر) زاد في رواية أبي داود. يسميه بعينه الذي يريد، وظاهرها أن ينطق به. ويحتمل أن يكتفي باستحضاره بقلبه عند الدعاء. وعلى الأول تكون التسمية في أثناء الدعاء عند ذكره بالكناية عنه في قوله: "إن هذا الأمر". (خير لي) أي أمر الذي أريده أصلح لي. (في ديني) أي فيما يتعلق بديني. (ومعاشي) أي حياتي. قال العيني: المعاش والمعيشة واحد يستعملان مصدراً

<<  <  ج: ص:  >  >>