للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبداً، ثم قال للذي في شماله: هذا كتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبداً. فقال أصحابه: ففيم العمل يا رسول الله إن كان أمر قد فرغ منه؟ فقال: سددوا وقاربوا، فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل. ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيديه فنبذهما، ثم قال: فرغ ربكم من العباد، فريق في الجنة وفريق في السعير)) ، رواه الترمذي.

ــ

وضمن أجمل معنى أوقع، فعدى بعلى أي أوقع الإجمال على من انتهى إليه التفصيل، ويجوز أن يكون حالاً، أي أجمل في حال انتهاء التفصيل إلى آخرهم، فعلى بمعنى إلى. (فلا يزاد فيهم) جزاء شرط، أي إذا كان الأمر على ما تقرر من التفصيل والتعيين والإجمال بعد التفصيل في الصك فلا يزاد فيهم (ولا ينقص منهم أبداً) ؛ لأن حكم الله لا يتغير، وأما قوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} [٣٩:١٣] فمعناه: لكل انتهاء مدة وقت مضروب، فمن انتهى أجله يمحوه ومن بقي من أجله يبقيه على ما هو مثبت فيه، وكل ذلك مثبت عند الله في أم الكتاب، وهو القدر كما أن يمحو ويثبت هو القضاء، فيكون ذلك عين ما قدر وجرى في الأزل كذلك فلا يكون تغييراً، وقيل في معنى الآية غير ذلك. (إن كان أمر قد فرغ منه) بصيغة المجهول، يعني إذا كان المدار على كتابة الأزل فأي فائدة في اكتساب العمل؟ فقال: (سددوا) أي اطلبوا بأعمالكم السداد والاستقامة في الأمر والعدل فيه. (وقاربوا) أي اقتصدوا في الأمور كلها، واتركوا الغلو فيها والتقصير، يقال: قارب فلان في أموره: إذا اقتصد، كذا في النهاية. قال الطيبي: الجواب من أسلوب الحكيم، أي فيم أنتم من ذكر القدر والاحتجاج به، وإنما خلقتم للعبادة فاعملوا وسددوا - انتهى. (يختم له) بصيغة المجهول (بعمل أهل الجنة وإن عمل) أي ولو عمل قبل ذلك (أي عمل) من أعمال أهل النار (بعمل أهل النار) أعم من الكفر والمعاصي. (وإن عمل أي عمل) أي قبل ذلك من أعمال أهل الجنة (ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيديه) أي أشار بهما، والعرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال، فتطلقه على غير الكلام واللسان، فتقول: "قال بيده" أي أخذ، و"قال برجله" أي مشى، و"قال بالماء على يده" أي صب، و"قال بثوبه" أي رفعه (فنبذهما) أي طرح ما فيهما من الكتابين، لا بطريق الإهانة بل نبذهما إلى عالم الغيب، هذا إذا كان هناك كتاب حقيقي، وأما على التمثيل فيكون المعنى نبذهما أي اليدين. (فرغ ربكم من العباد) أي من أمر العباد، والمراد بالأمر الشأن، أي قدر أمرهم لما قسمهم قسمين، وقدر لكل قسم على التعيين كونه من أهل الجنة أو النار بحيث لا يقبل التغيير، فكأنه فرغ من أمرهم، وإلا فالفراغ لا يجوز عليه تعالى. (رواه الترمذي) في القدر وقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>