للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة: أجر صيامها وقيامها)) .

ــ

وأحمد وابن خزيمة بإسناد صحيح إلى طاووس قال: قلت لابن عباس: زعموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: اغتسلوا يوم الجمعة واغسلوا رؤسكم وإن لم تكونوا جنباً-الحديث. ويؤيده أيضاً ما روى ابن خزيمة عن أبي هريرة مرفوعاً: إذا كان يوم الجمعة فاغتسل الرجل وغسل رأسه-الحديث. قال المنذري: في هذا الحديث دليل لمن فسر قوله غسل بغسل الرأس. وقيل: المراد غسل أعضائه للوضوء ثم اغتسل للجمعة. وقيل: المراد غسل ثيابه واغتسل في جسده. وقيل: هما بمعنى، والتكرار للتوكيد، والمختار أن المشدد بمعنى جامع امرأته، أو بمعنى غسَّل أي أحوجها إلى الغسل، وأوجبه عليها بالجماع، والمخفف بمعنى غسل رأسه. (وبكر) بالتشديد على المشهور، وجوز التخفيف أي راح في أول الوقت. (وابتكر) قيل: معناهما واحد كرره للتأكيد والمبالغة، وليس المخالفة بين اللفظين لاختلاف المعنيين، وبه جزم ابن العربي. وقيل: "بكر" بمعنى أتى الصلاة في أول وقتها، وكل من أسرع إلى شيء فقد بكر إليه. و"ابتكر" أي أدرك أول الخطبة وأول كل شيء باكورته، وابتكر الرجل إذا أكل بأكورة الفاكهة. وقيل: "بكر" بمعنى تصدق قبل خروجه، قاله ابن الأنباري، وتأول في ذلك ما روى في الحديث باكروا بالصدقة، فإن البلاء لا يتخطاها. والراجح ـ كما صرح به العراقي ـ أن "بكر" بمعنى راح في أول الوقت، "وابتكر" بمعنى أدرك أول الخطبة. (ومشى) أي إلى الجمعة على قدميه. (ولم يركب) قيل: هما بمعنى جمع بينهما تأكيداً ودفعاً لما يتوهم من حمل المشي على مجرد الذهاب ولو راكباً، أو حمله على تحقق المشي ولو في بعض الطريق. (ودنا من الإمام) أي قرب منه. (واستمع) أي أصغى. وفيه أنه لا بد من الأمرين جميعاً، فلو استمع وهو بعيد، أو قرب ولم يستمع، لم يحصل له هذا الأجر. (ولم يلغ) أي لم يتكلم، فإن الكلام حال الخطبة لغو، قاله النووي. أو استمع الخطبة ولم يشتغل بغيرها، قاله الأزهري. (كان له بكل خطوة) بضم المعجمة وتفتح، وبعد ما بين القدمين. قال السندي: أي ذهاباً وإياباً أو ذهاباً فقط أو بكل خطوة من خطوات ذلك اليوم. (عمل سنة) أي ثواب أعمالها. (أجر صيامها وقيامها) بدل من "عمل سنة". وقد ورد في المشي إلى مطلق الصلاة رفع درجة في كل خطوة، وكتابة حسنة، ومحو سيئة. أما ثبوت أجر عمل سنة، كما في هذا الحديث، فهو من خصائص الجمعة. قال السندي: والظاهر أن المراد أنه يحصل له أجر من استوعب السنة بالصيام والقيام لو كان، ولا يتوقف ذلك على أن يتحقق الاستيعاب من أحد. ثم الظاهر أن المراد في هذا وأمثاله ثبوت أصل أجر الأعمال لا مع المضاعفات المعلومة بالنصوص. ويحتمل أن يكون مع المضاعفات، وفي الحديث مشروعية الغسل يوم الجمعة،

<<  <  ج: ص:  >  >>