للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حتى كأنه منذر جيش، ويقول: صبحكم ومساكم، ويقول: بعثت أنا والساعة كهاتين، ويقرن بين إصبعيه: السبابة والوسطى)) . رواه مسلم.

١٤٢١- (٨) وعن يعلى بن أمية، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر. {ونادوا يا مالك

ــ

كلامه صلى الله عليه وسلم فضل تمكن، أو لأنه يتوجه فكره إلى الموعظة، فيظهر عليه آثار الهيبة الإلهية. واستدل به على أنه يستحب للخطيب أن يفخم أمر الخطبة، ويرفع صوته وكلامه، ليكون مطابقاً للفصل الذي يتكلم فيه من ترغيب أو ترهيب. ولعل اشتداد غضبه صلى الله عليه وسلم كان عند إنذاره أمراً عظيماً. (كأنه منذر جيش) هو الذي يجيء مخبرا للقوم بما قد دهمهم من عدو أو غيره، أي كمن ينذر قوماً من قرب جيش عظيم قصدوا الإغارة عليهم. (يقول) ضميره عائد لمنذر، والجملة صفته (صبحكم) بتشديد الباء، وفاعله ضمير يعود إلى العدو المنذر منه، ومفعوله يعود إلى المنذرين، أي نزل بكم العدو صباحاً. والمراد سينزل، وصيغة الماضي للتحقق مثل حال الرسول - صلى الله عليه وسلم - في خطبته وإنذاره بمجيء القيامة، وقرب وقوعها، وتهالك الناس فيما يرديهم بحال من ينذر قومه عند غفلتهم بجيش قريب منهم، يقصد الإحاطة بهم بغتة من كل جانب. فكما أن المنذر يرفع صوته، وتحمر عيناه، ويشتد غضبه على تغافلهم، كذلك حال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وإلى قرب المجيء أشار بإصبعيه. ونظيره ما روى أنه لما نزل: {وأنذر عشيرتك الأقربين} صعد الصفا، فجعل ينادي: يا بني فهر يا بني عدي-الحديث. (مساكم) بتشديد السين مثل "صبحكم" ويحتمل أن ضمير يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والجملة حال. وضمير "صبحكم" للعذاب والمراد به قرب منكم إن لم تطيعوني. (ويقول) أي النبي صلى الله عليه وسلم عطف على احمرت. (بعثت أنا والساعة) روى برفعها ونصبها، والمشهور نصبها على المفعول معه، والرفع عطفاً على الضمير، وأكد بالضمير المنفصل ليصح العطف، أي بعثني قريباً من القيامة. (ويقرن) بضم الراء على المشهور الفصيح، وحكر كسرها. (السبابة) بالجر على البدلية وجوز الرفع أي المسبحة. (رواه مسلم) في الجمعة، وكذا البيهقي (ج٣ص٢٠٦، ٢١٣) وأخرجه أيضاً أحمد وابن ماجه في السنة، وهذا طرف من حديث طويل عندهم.

١٤٢١- قوله: (وعن يعلى بن أمية) بضم الهمزة وفتح الميم وتشديد التحتية. (ونادوا) أي أهل النار الداخلون فيها، وهم الكفار. (يا مالك) بإثبات الكاف، وهي قراءة الجمهور. وقرأ الأعمش "ونادوا يا مال" بالترخيم، ورويت عن علي، وهي قراءة ابن مسعود، وفيه إشعار بأنهم لضعفهم لا يستطيعون تأدية اللفظ بالتمام، فإن قلت: كيف قال ونادوا يا مالك بعد ما وصفهم بالابلاس؟ أجيب بأنها أزمنة متطاولة وأحقاب ممتدة، فتختلف

<<  <  ج: ص:  >  >>