للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

.........................

ــ

الأيام أحب منه في غيرها أو مساوياً للجهاد في غيرها، نعم لو كان المراد أن العمل الصالح في هذه الأيام مطلقاً أي عمل كان أحب من العمل في غيرها مطلقاً أي عمل كان حتى أن أدنى الأعمال في هذه الأيام أحب من أعظم الأعمال في غيرها لكان الاستبعاد موجهاً، لكن كون ذلك مراداً بعيد لفظاً ومعنى، فلعل وجه استبعادهم أن الجهاد في هذه الأيام يخل بالحج، فينبغي أن يكون في غيرها أحب منه فيها، وحينئذٍ قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إلا رجل)) أي جهاد رجل بيان لفخامة جهاده وتعظيم له بأنه قد بلغ مبلغاً لا يكاد يتفاوت بشرف الزمان وعدمه – انتهى كلام السندي. وذكر السيد: أنه اختلف العلماء في أن هذه العشرة أفضل أم عشرة رمضان؟ فقال بعضهم: هذا العشر أفضل لهذا الحديث. وقال بعضهم: عشر رمضان أفضل للصوم ولليلة القدر، والمختار أن أيام هذا العشر أفضل لوجود يوم عرفة فيها، وليالي عشر رمضان أفضل لوجود ليلة القدر فيها؛ لأن يوم عرفة أفضل أيام السنة، وليلة القدر أفضل ليالي السنة، ولذا قال: ((ما من أيام)) ولم يقل: من ليال، كذا في الأزهار، ذكره القاري. وقال القسطلاني: الأيام إذا أطلقت دخلت فيها الليالي تبعاً، وقد أقسم الله تعالى بها، فقال: {والفجر. وليالٍ عشر} [الفجر: ١] وقد زعم بعضهم أن ليالي عشر رمضان أفضل من لياليه لاشتمالها على ليلة القدر. قال الحافظ ابن رجب: وهذا بعيد جداً، ولو صح حديث أبي هريرة المروي في الترمذي – يعني الذي يأتي في آخر الفصل الثاني -: ((قيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر)) لكان صريحاً في تفضيل لياليه على ليالي عشر رمضان، فإن عشر رمضان فضل بليلة واحدة، وهذا جميع لياليه متساوية، والتحقيق ما قاله بعض أعيان المتأخرين من العلماء أن مجموع هذا العشر أفضل من مجموع عشر رمضان، وإن كان في عشر رمضان ليلة لا يفضل عليها غيرها – انتهى. واستدل به على فضل صيام عشر ذي الحجة لاندراج الصوم في العمل، وعورض بتحريم صوم يوم العيد، وأجيب بأنه محمول على الغالب. ولا ريب أن صيام رمضان أفضل من صوم العشر؛ لأن فعل الفرض أفضل من النفل من غير تردد، وعلى هذا فكل ما فعل من فرض في العشر فهو أفضل من فرض فعل في غيره، وكذا النفل، ولا يرد على ما ذكرنا من كون الحديث دليلاً على فضل صيام عشر ذي الحجة ما يأتي في الصيام من حديث عائشة قالت: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صائماً في العشر قط. لاحتمال أن يكون ذلك لكونه كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يفرض على أمته، كما رواه الشيخان من حديث عائشة أيضاً، وقيل: قولها: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صام العشر قط – لا ينافي صوم بعضها، قيل: الحكمة في تخصيص عشر ذي الحجة بهذه المزية اجتماع أمهات العبادة فيها: الحج والصدقة والصيام والصلاة، ولا يتأتى ذلك في غيرها، وعلى هذا هل يختص الفضل بالحاج أو يعم المقيم؟ فيه احتمال، وقيل: المراد بالعمل الذكر، ويؤيد ذلك ما روى الطبراني في الكبير، قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح، عن ابن عباس مرفوعاً: ((ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إلى الله العمل فيها من أيام العشر، فأكثروا فيهن من التسبيح

<<  <  ج: ص:  >  >>