للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

...........................

ــ

فاكتفى بها ولو يصل أصلاً كان بياناً لجواز الاستسقاء بالدعاء بلا صلاة ولا خلاف في جوازه وتكون الأحاديث المثبتة للصلاة مقدمة؛ لأنها زيادة علم، ولا معارضة بينهما، ثم ذكر النووي أنواع الاستسقاء التي ذكرنا في أول الباب، وقال ابن رشد بعد ذكر بعض الأحاديث والآثار التي ليس فيها ذكر الصلاة ما لفظه: والحجة للجمهور أنه من لم يذكر شيئاً فليس هو بحجة على من ذكره، والذي يدل عليه اختلاف الآثار في ذلك ليس عندي فيه شيء أكثر من أن الصلاة ليست من شرط صحة الاستسقاء، إذ قد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - قد استسقى على المنبر لا أنها ليست من سنته كما ذهب إليه أبوحنيفة – انتهى. وأجاب العيني عن الأحاديث التي فيها الصلاة بأنه - صلى الله عليه وسلم - فعلها مرة – أي واحدة – وتركها أخرى – أي في مرات أخرى – وذا لا يدل على السنية، وإنما يدل على الجواز – انتهى. وفيه أنه لم يرو في حديث صحيح أو ضعيف نفي الصلاة وعدم نقل الصلاة لا يستلزم عدم الوقوع، فدعوى أنه لم يصل إلا مرة واحدة وتركها أخرى مردودة، ولو سلم فصلاته في المصلى في الاستسقاء ولو مرة تدل على أنها سنة في حق أمته من غير شك، كما قال صاحب العرف الشذي: إن مطلق السنة والاستحباب لا يمكن إنكاره لما قال صاحب الهداية: أنه – عليه السلام – صلى مرة، وكما قال الشاه ولي الله الدهلوي: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسقى لأمته مرات على أنحاء كثيرة، لكن الوجه الذي سنه لأمته أن خرج بالناس إلى المصلى متبذلاً متواضعاً متضرعاً فصلى بهم ركعتين ... إلى آخر ما تقدم من كلامه. وقال الشيخ عبد الحي اللكنوي في التعليق الممجد: وأما ما ذكروا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله مرة وتركه أخرى فلم يكن سنة فليس بشيء، فإنه لا ينكر ثبوت كليهما – أي على زعمه – مرة هذا ومرة هذا لكن يعلم من تتبع الطرق أنه لما خرج إلى الصحراء صلى فتكون الصلاة مسنونة في هذه الحالة بلا ريب ودعائه المجرد كان في غير هذه الصورة – انتهى. قال القسطلاني في شرح البخاري، وابن حجر المكي في شرح المشكاة، والشيخ عبد الحي في عمدة الرعاية حاشية شرح الوقاية: لعله لم تبلغ أباحنيفة تلك الأحاديث، وإلا لم ينكر استنان الجماعة، قال شيخنا: هذا هو الظن به والله تعالى أعلم. قال الكاساني في البدائع: ما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بجماعة حديث شاذ، ورد في محل الشهرة لأن الاستسقاء يكون بملأ من الناس، ومثل هذا الحديث يرجح كذبه على صدقه أو وهمه على ضبطه، فلا يكون مقبولاً مع أن هذا مما تعم به البلوى في ديارهم، وما تعم به البلوى ويحتاج الخاص والعام إلى معرفته لا يقبل فيه الشاذ – انتهى. وكذا تفوه السرخسي، وقال في المحيط البرهاني والكافي: إنه لم يبلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك صلاة إلا حديث واحد شاذ لا يؤخذ به، قال ابن الهمام: ووجه الشذوذ أن فعله – عليه الصلاة والسلام – لو كان ثابتاً لاشتهر نقله اشتهاراً واسعاً ولفعله عمر حين استسقى ولأنكروا عليه إذا لم يفعل؛ لأنها كانت بحضرة جميع الصحابة لتوفر

<<  <  ج: ص:  >  >>