للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما قال قوم عاد: {فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا} )) . وفي رواية: ويقول إذا رأى المطر رحمة - متفق عليه.

ــ

المطر. وقيل: لعل هذا السحاب (كما قال قوم عاد) الإضافة للبيان، أي مثل الذي قال في حقه قوم عاد هذا عارض ممطرنا قال تعالى: {فلما رأوه} أي السحاب {عارضاً} أي سحاباً عرض {مستقبل أوديتهم} أي صحاريهم ومحال مزارعهم. قال الجزري: العارض السحاب الذي يعرض في السماء (قالوا) ظناً أنه سحاب ينزل منه المطر {هذا عارض ممطرنا} ، أي سحاب عرض ليمطر قال تعالى رداً عليهم: {بل هو ما استعجلتم به} أي من العذاب {ريح فيها عذاب أليم} {تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين} [الأحقاف:٢٥] فظهرت منه ريح فأهلكتهم فلا يجوز لأحد أن يأمن من عذاب الله تعالى. قال النووي: في الحديث الاستعداد بالمراقبة لله والالتجاء إليه عند إختلاف الأحوال وحدوث ما يخاف بسببه، وكان خوفه صلى الله عليه وسلم أن يعاقبوا بعصيان العضاة، وفيه تذكر ما يذهل المرأ عنه مما وقع للأمم الخالية والتحذير من السير في سبيلهم خشية من وقوع مثل ما أصابهم. وفيه شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ورأفته بهم كما وصفه الله تعالى، فإن قيل كيف يخشى النبي صلى الله عليه وسلم أن يعذب القوم وهو فيهم مع قوله تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} [الأنفال:٣٣] ، والجواب إن في الآية احتمال التخصيص بالمذكورين أو بوقت دون وقت أو مقام الخوف يقتضي غلبة عدم الأمن من مكر الله، (ويقول إذا رأى المطر رحمة) بالنصب أي اجعله رحمة لا عذاباً وبالرفع أي هذا رحمة (متفق عليه) فيه نظر؛ لأن لفظ الرواية الأولى بالسياق المذكور من رواية ابن وهب عن ابن جريج عن عطاء عن عائشة من إفراد مسلم والرواية الثانية أيضاً من إفراده أخرجها من طريق جعفر بن محمد عن عطاء عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم الريح والغيم عرف ذلك في وجهه وأقل وأدبر فإذا مطرت سربه، وذهب عنه ذلك قالت عائشة: فسألته فقال: إني خشيت أن يكون عذاباً سلط على أمتي ويقول إذا رأى المطر رحمة، وأما البخاري فأخرجه في أوائل بدء الخلق عن مكي بن إبراهيم عن ابن جريج عن عطاء عن عائشة مختصراً بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى مخيلة في السماء أقبل وأدبر ودخل وخرج وتغير وجهه فإذا مطرت سري عنه فعرفته عائشة ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وما أدري لعله كما قال قوم {فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم} الآية، فظهر بهذا أن قوله متفق عليه لا يخلو عن نظر اللهم إلا أن يقال إن المراد اتفاق الشيخين على أصل الحديث، ومعناه وقد أخرجه بسياق المشكاة البيهقي (ج٣:ص٣٦٠) وأخرجه الترمذي في الدعوات مختصراً إلى قوله وشر ما أرسلت به وأخرجه ابن ماجه في الدعاء بنحو رواية البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>