للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٦٣- (٤) وعن جابر، قال: ((مرت جنازة، فقام لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقمنا معه، فقلنا: يا رسول الله! إنها يهودية، فقال: إن الموت فزع، فإذا رأيتم الجنازة فقوموا)) . متفق عليه.

ــ

١٦٦٣- قوله: (إنها) أي الميتة (يهودية) أو الجنازة جنازة يهودية، وهذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري: إنها جنازة يهودي. (إن الموت فزع) بفتحتين. قال القرطبي: معناه أن الموت يفزع منه إشارة إلى استعظامه. ومقصود الحديث أن لا يستمر الإنسان على الغفلة بعد رؤية الموت لما يشعر ذلك من التساهل بأمر الموت، فمن ثم استوى فيه كون الميت مسلماً أو غير مسلم. وقال غيره: جعل نفس الموت فزعاً مبالغة، كما يقال رجل عدل. قال البيضاوي: هو مصدر جرى مجرى الوصف للمبالغة، أو فيه تقدير الموت ذو فزع-انتهى. ويؤيد الثاني رواية النسائي بلفظ: إن للموت فزعاً. وعن أبي هريرة عند ابن ماجه وعن ابن عباس عند البزار مثله. قال البزار: وفيه تنبيه على أن تلك الحالة ينبغي لمن رآها أن يقلق من أجلها ويضطرب، ولا يظهر منه عدم الاحتفال والمبالاة. (فإذا رأيتم الجنازة فقوموا) أي تعظيماً لهول الموت وفزعه لا تعظيماً للميت، فلا يختص القيام بميت دون ميت. واعلم أنه اختلف الأحاديث في تعليل القيام بجنازة اليهودي أو اليهودية، ففي هذا الحديث التعليل بقوله: إن الموت فزع، وفي حديث سهل بن حنيف وقيس الآتي التعليل بكونها نفساً، وفي حديث أنس عند النسائي والحاكم: إنما قمنا للملائكة، ونحوه لأحمد من حديث أبي موسى، وسيأتي هذان الحديثان في الفصل الثالث، وفي حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد والحاكم والبيهقي: إنما تقومون للذي يقبض النفوس، وأخرجه ابن حبان بلفظ: إعظاماً لله الذي يقبض الأرواح. ولا معارضة في هذه التعليلات، إذ يجوز تعدد الأغراض والعلل، فيكون القيام مطلوباً تعظيما لأمر الموت والملائكة جميعاً وغير ذلك. قال الحافظ: لا منافاة فيها لأن القيام للفزع من الموت فيه تعظيم لأمر الله وتعظيم للقائمين بأمره في ذلك وهم الملائكة. وأما ما أخرجه أحمد من حديث الحسن بن علي: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تأذياً بريح اليهودي. زاد الطبراني من حديث عبد الله بن عياش: فآذاه ريح بخورها. وللنسائي والطبري من وجه آخر عن الحسن: كره أن تعلو رأسه جنازة يهودي، فإن ذلك لا يعارض الأخبار الأولى الصحيحة. أما أولاً فلأن أسانيدها لا تقاوم تلك في الصحة، وأما ثانياً فلأن التعليل بذلك راجع إلى ما فهمه الراوي، والتعليل الماضي صريح من لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكأن الراوي لم يسمع بالتعليل منه فعلل باجتهاده، كذا في الفتح. (متفق عليه) واللفظ لمسلم. ولفظ البخاري: مر بنا جنازة فقام لها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقمنا، فقلنا يا رسول الله! إنها جنازة يهودي، قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>