للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضي بين العباد، فيرى سبيله، إما إلى الجنة وإما إلى النار. قيل: يا رسول الله! فالإبل؟ قال: ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها، ومن حقها حلبها يوم وردها،

ــ

(في يوم) وهو يوم القيامة (كان مقداره خمسين ألف سنة) أي على الكافرين، ويطول على بقية العاصين بقدر ذنوبهم. وأما المؤمنون الكاملون فهو على بعضهم كركعتي الفجر، وأشار إليه بقوله عزوجل: {يوم عسير على الكافرين غير يسير} [المدثر: ٩] (حتى يقضي) على بناء المفعول أي يحكم (فيرى سبيله) بصيغة المجهول من الرؤية والإراءة. وقوله "سبيله" مرفوع على الأول، ومنصوب على أنه مفعول ثان على الثاني. وروى أيضا "فيرى" بصيغة المعلوم من الرؤية أي هو سبيله. قال النووي: ضبطناه بضم ياء يرى وفتحها وبرفع لام "سبيله" ونصبها (إما إلى الجنة) إن لم يكن له ذنب سواه، وكان العذاب تكفيراً له (وإما إلى النار) إن كان على خلاف ذلك. قال القاري: وفيه رد على من يقول: إن الآية {والذين يكنزون الذهب} الخ. مختصة بأهل الكتاب. ويؤيده القاعدة الأصولية: أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، مع أنه لا دلالة في الحديث على خلوده في النار. وبهذا يعلم ضعف قول ابن حجر أيضا إما إلى الجنة إن كان مؤمناً بأن لم يستحل ترك الزكاة، وإما إلى النار إن كان كافراً بأن استحل تركها (قيل يا رسول الله فالإبل) أي هذا حكم النقود، فالإبل ما حكمها؟ أو عرفنا حكم النقدين فما حكم الإبل؟ فالفاء متصل بمحذوف (ولا صاحب إبل) بالرفع أي يوجد ويكون. وقيل: بالجر عطفا على قوله "من صاحب ذهب" والحاصل أنه ليس جوابا للسؤال لفظا لوجود الواو بل جواب له معنى (لا يؤدي) صفة أي لا يعطي صاحب الإبل (منها حقها) أي الواجب عليه فيها (ومن حقها) أي المندوب و"من" تبعيضية (حلبها) قال النووي: بفتح اللام على اللغة المشهورة وحكى إسكانها، وهو غريب ضعيف، وإن كان هو القياس (يوم وردها) بكسر الواو. وقيل: الورد الإتيان إلى الماء، ونوبة الإتيان إلى الماء، فإن الإبل تأتي الماء في كل ثلاثة أو أربعة، وربما تأتي في ثمانية. قال الجزري في جامع الأصول "يوم وردها" أي يوم ترد الماء فيسقى من لبنها من حضره من المحتاجين إليه، وهذا على سبيل الندب والفضل لا الوجوب - انتهى. وإنما خص حالة وردها، لأنه حالة كثرة لبنها، ولأن الفقراء يحضرون هناك طلباً لذلك. وقال الطيبي: معناه أن يسقي ألبانها المارة ومن ينتاب المياه من أبناء السبيل. وقيل: أمر أن يحلبها صاحبها عند الماء ليصيب ذو والحاجة منه، وهذا مثل نهية عليه الصلاة والسلام عن الجذاذ بالليل، أراد أن يصوم بالنهار ليحضرها الفقراء- انتهى. قال ابن بطال: يريد حق الكرم والمواساة وشريف الأخلاق لا أن ذلك فرض، قال: وكانت

<<  <  ج: ص:  >  >>